انتشر خبر رحيل الروائي الكولومبي الحائز على جائزة نوبل للآدب عام 1982م جابريل جارسيا ماركيز انتشار النار في الهشيم، في الأوساط الثقافية والإعلامية والسياسية في العالم، بعدما أكد الخبر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس على حسابه على موقع «تويتر»، وكما تفصح مجريات اللحظات التي سبقت الرحيل، فإن الموت باغت ماركيز وأجهز على حياته، في غياب أي توقعات جدية من جانب أفراد الأسرة بوجود أخطار تتهدد حياته أو تؤدي إلى موته، إذ تشير المعلومات التي وفرتها وكالات الأنباء في هذا الصدد إلى أن ماركيز عاد إلى بيته في العاصمة المكسيكية «مكسيكو سيتي» من المستشفى الأسبوع الماضي، بعد أن تعافى من نوبة التهاب رئوي حادة كانت قد داهمته، ما يفيد أن الأسرة اعتبرت حدث مرضه الأخير ما هي إلا وعكة صحية اعتيادية من تلك التي تعرض لها خلال سني عمره الأخيرة. وصاحبت وفاة ماركيز العديد من ردود الأفعال من جانب عدد من زعماء العالم، استهلها الرئيس الكولمبي خوان مانويل سانتوس بإعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام، قائلا في كلمة مقتضبة عبر التلفزيون: «تخليدا لذكرى غابرييل غارسيا ماركيز أعلنت الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام»، وأمر بـ«تنكيس الأعلام في كل المؤسسات العامة»، آملاً أن يفعل الكولومبيون الشيء ذاته في منازلهم، فيما أعرب الرئيس الأمريكي بارك أوباما عن أسفه إزاء وفاة الأديب العالمي غابريل ماركيز الذي وصفه بأنه أحد كتابه المفضلين، وقال في بيان نشر بعد نبأ الوفاة: «بوفاة ماركيز فقد العالم أحد أعظم كتابه وأحد المفضلين لي أثناء شبابي»، وأوضح أوباما أنه التقى ماركيز في أبريل (نيسان) عام 2009م في مكسيكو سيتي أثناء مأدبة عشاء أقيمت على شرفه من جانب الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون، أهدى ماركيز خلالها لأوباما نسخة موقعة من رواية «مائة عام من العزلة»، بينما عبرت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف عن أسفها لوفاة ماركيز، وذكرت في تغريدة على تويتر: «حزنت لوفاة الكاتب الكولومبي صاحب النص الرائع، وصاحب الشخصية الفريدة، ستظل في قلب وذاكرة الملايين من قرائك»، كما اعتبر الرئيس المكسيكي أنريكي نييتو أن ماركيز يعد أحد أعظم كتاب عصورنا، وأنه جعل الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية تحمل طابعا عالميا. بدوره، قال الرئيس البيرواني أويانتا أومالا: «أمريكا اللاتينية والعالم بأسره سيشعران بفقد هذا الحالم»، وكتب الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا على تويتر:«رحيل جابو سيكون لنا مائة عام من العزلة، لكن تتبقى أعماله وحبه للوطن الكبير»، وأعرب الرئيس الكولومبي السابق ألبارو أوريبي (2002 ــ 2010) عن أسفه لوفاة المعلم الذي جعل ملايين سكان العالم يعشقون كولومبيا، وقال الرئيس التشيلي السابق سباستيان بنييرا: «ترك لنا أعمالا ملهمة ستواصل إثراء خيالنا»، وأعرب الكاتب البيرواني الحائز على جائزة «نوبل» في الآداب عام 2010 ماريو يوسا عن حزنه الشديد لوفاة ماركيز، باعثاً تعازيه لعائلته، وقال في مقابلة تلفزيونية: «توفي كاتب كبير منحت أعماله الأدب بلغتنا مكانة عظيمة»، موضحا أن روايات ماركيز ستجعله خالدا ويواصل كسب القراء من جميع أنحاء العالم، كما نعت المغنية الكولومبية شاكيرا مواطنها ماركيز، ووصفته بأنه كان «هدية فريدة لن تتكرر»، ونشرت شاكيرا في حسابها على «فيسبوك» صورة تجمعها به وكتبت «عزيزي جابو قلت ذات مرة إن الحياة ليست ما يعيشه أحدنا، وإنما هي ما يتذكره، وكيف يتذكره ليرويه، وسنتذكر حياتك كهدية فريدة لن تتكرر». ويعتبر ماركيز الذي كان يقيم في المكسيك منذ العام 1961م مع فترات متقطعة من الإقامة في كولومبيا وإسبانيا وكوبا، من أهم الكتاب في تاريخ الأدب الإسباني، وقد اشتهر برواية «مئة عام من العزلة» (سيين أنيوس دي سوليداد) الصادرة عام 1967م، والتي ترجمت إلى 35 لغة، وبيعت منها أكثر من 30 مليون نسخة، وقدمت الأعمال الروائية لماركيز أمريكا اللاتينية لملايين القراء في العالم ووضعت الواقعية السحرية على خريطة الأدب العالمي، وكافح ماركيز الذي اشتهر بين أصدقائه ومعجبيه بلقب «جابو»، لسنوات ليصنع اسمه كروائي، وذلك قبل أن يصدر روايته «مائة عام من العزلة» عام 1967، حيث كان قد نشر قصصا ومقالات وروايات قصيرة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، أشهرها «عاصفة الأوراق» و«ليس لدى الكولونيل من يكاتبه»، ولكنها لم تجلب له الشهرة التي حققها فيما بعد، إذ تشير الإحصائيات إلى أن المكتبات باعت أكثر من 65 مليون نسخة من كتبه عبر العالم.