×
محافظة المدينة المنورة

منافسة عامة لتشغيل مشروعات المياه ببدر

صورة الخبر

"آسفة لا أتحدث العربية" تقولها لك وأنت تملؤك الدهشة، فتاة محجبة وترتدي عباءة خليجية، وتكلمك بلكنة بريطانية بحتة معتذرة عن كونها لا تتحدث لغتك لكنها في الواقع أختك في الإسلام، قد تمر بها وهي توزع منشورات عن حقيقة الإسلام أو قضية فلسطين، أو تدعوك للمساهمة في بناء مسجد، أو حتى وضع اسمك لدفع الحكومة للمساهمة في الإنفاق على مدرسة لتعليم اللغة العربية، هؤلاء الفتيات مولودات في لندن وبعضهن آباؤهن كذلك درسن في مدارس مختلطة، وكان واجباً عليهن تعلم الموسيقى والرسم وممارسة الرياضة، كما العادة في فرق الفتيات، وربما انخرطن في فرق الكشافة لكنهن بمجرد البلوغ يرتدين العباءة ولا يتناولن الخمور، ويخبرن صديقاتهن الغربيات أنهن لا يمنحن أجسادهن إلا لرجل يتزوجهن أمام الله والناس. كم هي نسبة هؤلاء الفتيات من البنات المسلمات المولودات في بريطانيا؟ لم أجد دراسة لكني أؤكد لكم أنها لن تكون أقل من 90%، وكل من يزور لندن أو يعيش فيها سيخبرك عنهن. تقول لي إحداهن: الحجاب يخبرك أننا مسلمات وهذا قد يعرض بعضنا لمهاجمة العنصريين، لكن واجبي أن أتحجب، أفكر بكلامها وأتذكر عشاق التصييف في لندن الذين يعادون النساء في بلادنا ويؤلفون كتباً دراسية يحشونها بقولهم: من تكشف وجهها تفقد حياءها، وإذا وصل أحدهم إلى لندن لم يهتم إلا بأن يبدو غربياً في "الجينز" و"التي شرت"، وهو يعرف تماماً حرصه صلى الله عليه وسلم على المظهر الإسلامي للرجل والمرأة، لكن "لزوم الشياكة" تستدعي أن يترك الثوب والغترة في مطار الرياض أو جدة ليعود إليهما بمجرد رجوعه لأرض الوطن ليندد بكل هؤلاء الذين لا يحترمون الإسلام. أفكر كثيراً في هؤلاء الفتيات المسلمات وفي الإسلام الذي في قلوبهن، وكل تلك الأصوات من حولنا المخوفة من الرياضة والقيادة والموسيقى حتى، وأقارن بين بنات بلادي اليوم وبدون رياضة واختلاط وموسيقى وهؤلاء الفتيات بكل ما حولهن من حريات الحضارة الغربية وأجد الإسلام الذي في القلب يربح، أعني الإسلام الحقيقي وليس المختطف الذي يربي في داخلك الإنسان الناقد المفكر والمحلل وليس المتلقي والمقلد. الإسلام الحقيقي - والذي ليس قطعاً الموجود على شفاههم- هو من صنع تلكم الفتيات في لندن فأصبح كل ما يفتقده العالم الغربي ميزة فيهن، ولم تستطع رياضة أو اختلاط أو فنون تغيير موقفهن من دينهن وتعاليمه. لكن هل يعلم المخوفون من الرياضة والقيادة وعدم ضرب الزوجات ذلك؟ أحاول أن أجد منطقاً واحداً يبرر هذا التخويف من الرياضة والابتعاث وقيادة السيارة التي يقودها جيش من المحتسبين، لكن مبرراتهم ليست واهية فقط بل مضحكة وجلبت لنا سخرية العالم أجمع، وللأسف لم تكن موجهة للقائل بل موجهة إلى الإسلام ليبرز سؤال: هل هذا هو الإسلام؟ ربما قال قائل: إن هؤلاء المخوفين الذين يثيرون هلع المجتمع صادقون في خوفهم؛ لأن حدود تفكيرهم لا تخرج عن ذلك ولا تستطيع سوى إدراك الدمار الخلقي، وفي الحقيقة أنا مع هذا الرأي! إن مشكلة هؤلاء الذين يرون أن عمق الإسلام لا يكفي مطلقاً ولا بد من الفصل والمنع أو سد الذرائع أنهم مخرجات تعليم ديني سطحي درس الفروع وترك الأصول، لم يثر في داخلهم سؤال وحثهم دائماً على التقليد، نفس التقليد الذي حذر منه الإسلام في بدايته. كما أن هؤلاء ولا شك ساروا على درب الأمم السابقة من تمجيد أقوال الرجال واعتبارها حقائق لا تقبل الجدل؛ فصار لدينا رجال يتطلعون إلى مثل هذه المكانة وليس هناك أسهل من التخويف والعزف على عواطف ومشاعر العامة لتحقيق مكاسب وهمية، فإذا نظرنا إلى أحدهم وجدناه غارقاً في الملذات والقصور والأموال وهو موظف حكومي مثلي ومثلك ولم يسأله أتباعه: من أين لك هذا؟ لأنهم مشغولون بتخويفه يصرخون: اللهم سلم سلم، متناسين أن بلادنا في أيدٍ أمينة أكثر من قادتهم الذين يخشون أن تقرأ سيرتهم الذاتية ورصيدهم البنكي. هذه الفئة حذر من صناعتها الإسلام، وللأسف موضوع المرأة أصبح ورقتها الرابحة التي تلعب بها، والخاسر الوحيد في بلادنا هو المرأة التي أصبحت تظن أن الإسلام يراها فتنة وسبباً لكل الشرور، كما تقول أساطير الأمم السابقة. إننا وبلادنا بحاجة لموقف جاد يوقف هؤلاء عند حدودهم، فبلادنا وحكومتنا دينها وشرعها الإسلام، والمزايدة على ذلك باطلة، فليس هؤلاء أكثر تديّناً منا ولا خوفاً على مستقبل احترام الشريعة.