النسخة: الورقية - دولي إن استطعت فهم ما يجري على الأرض السورية فهذا قد يكون حصراً من خلال المقيمين عليها، وليس من متابعة التلفزيون لا سيما إن لم تكتف بالشاشة التي تدعم آراءك المسبقة واليقينة. إن تابعت «الميادين» التي تتبع سير الجيش السوري «بخطوات ثابتة» ليحقق «أهدافاً محددة» فستعلم أن هذا يواصل تقدمه ويسيطر على... «عدد من الكتل» والمباني(!) في حي الحميدية وجورة الشياح في حمص. وتقدم لك «المنار» معلومات أكثر تفصيلاً عن تقدم هذا الجيش في أحياء المدينة المنكوبة، إذ تحدد عدد المباني المسيطر عليها «5»، وتعلن «مقتل» مسلحين وتسليم آخرين أنفسهم. ولا تفوتها الإشارة إلى استقبال الجيش السوري في منطقة القلمون «بنثر الورود والرز...»، وهو ما لم يظهر على شاشات ذات اهتمامات مغايرة. أما على «الجزيرة» فكانت «خطوات» الجيش في حمص المحاصرة مدعّمة بقصف «الطائرات الحربية»، مع تنبيه إلى عدم التزام قوات النظام «الاتفاق» الذي يسمح للمقاتلين بالخروج من المدينة. خبر كانت تفاصيله أوضح على «بي بي سي» العربية فقدم مراسلها شرحاً لصيغة التسوية التي لم تتم بسبب رفض القوات الحكومية لمغادرة المقاتلين بأسلحتهم. على «العربية» تقريران لـ «فرانس برس» غابا عن «الميادين» مثلاً. أولهما عن «كيفية تجنيد» «حزب الله» لعناصره للقتال في سورية، وعن مآخذ هؤلاء على أعضاء الجيش السوري من «قلة التأهيل العسكري وعدم الانضباط وأحياناً غياب الكفاءة». والثاني حول لجنة التحقيق الأممية وصور التعذيب في سجون سورية. ومن هذا الخبر لم تكترث «الميادين» سوى باتهام المندوب الفرنسي لمراسلها «بالعمالة» والسخرية من ادعائه بأنه «صحافي معروف» وهذا حين أراد أن يدلو بدلوه في الجلسة المخصصة لمناقشة تقرير اللجنة «المدعوم من قطر والسعودية» بحسب المحطة. أما الفضائية السورية فتحدثت عن إعادة الأمن و«الاستقرار» (فوراً؟) إلى قريتين في القلمون وعن «تقدم كبير» في حمص القديمة. كما رصد مذيع «ابتهاج» أهالي قرية جبعدين (من القلمون) بدخول الجيش السوري (فقط؟) وسيرهم في مسيرة عفوية وإلقائهم لقصائد عفوية تمجيدية، لينتهي التقرير بصرخات «الله سورية...» متبوعة باللازمة المتداولة. بين «فرار» المسلحين الخاسرين على بعض المحطات أو «انسحابهم» في محطات أخرى، وحجب محطات لأخبار من نوع تظاهرة لأهالي حيّ الوعر الحمصي احتجاجاً على الحصار الخانق، وبين تقدم «بخطى» ثابتة أو قصف براجمات الصواريخ»... يضيع المشاهد الذي لا يكتفي بالشاشة التي تكرس قناعاته، فيما يبقى هذا الجالس أمام تلك التي تتماشى وقناعاته المرتاح الأكبر وأيضاً المخادع لنفسه.