×
محافظة المدينة المنورة

ثقافي / "أصول تحقيق التراث العربي" محاضرة بأدبي المدينة المنورة

صورة الخبر

ماذا لو تمكّن المحامون من إثبات أن الشخص تعمّد ارتكاب الجريمة، وذلك بتأمل صور لدماغه؟ ربما يبدو هذا الأمر جزءاً من إحدى روايات الخيال العلمي، إلا أن دراسة جديدة، بحسب «لايف ساينس»، تشير إلى أننا اقتربنا خطوة إضافية من هذا الواقع. حلّل الباحثون عمليات مسح لأدمغة ونجحوا في تحديد أنماط نشاط الدماغ التي تتوقّع ما إذا كان الشخص أقدم على سلوك معين «عمداً»، أي أنه أدرك من دون أدنى شك أنه يقترف جريمة، أو «بتهور»، أي أنه لم يكن واثقاً من أنه يقترف جريمة. صحيح أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من البحوث قبل أن تُعتبر هذه التقنية عالية المصداقية كي تُستخدم في المحاكم، إلا أن الدراسة تشير إلى أننا ربما نتمكّن في المستقبل من تحديد حالة المدعى عليه العقلية باللجوء إلى علم الأعصاب. تؤكد الدراسة، التي نُشرت فيProceedings of National Academy of Sciences، أن لحالة الإنسان العقلية عند ارتكابه الجريمة تأثيرات كبيرة. كتب الباحثون في الدراسة: «تخيّل أنك أحد المحلفين في محاكمة مدعى عليه اعترف بأنه نقل حقيبة مليئة بالمخدرات عبر الحدود الدولية. لكنك لست واثقاً من مدى معرفته باحتواء الحقيبة على الممنوعات. ولا شك في أن درجة وعيه عند عبوره الحدود تحدّد مدى مسؤوليته الإجرامية، ما ينعكس بدوره على حجم العقوبة التي يواجهها». استناداً إلى «موضع (المدعى عليه) بين الحدين الفاصلين: التصرّف عن عمد أو بتهور»، من الممكن إرساله إلى السجن لسنوات أو منحه إطلاق سراح مشروطاً، حسبما أكّد ريد مونتاغ، مدير مختبر التصوير العصبي البشري في معهد كاريليون للبحوث في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، في بيان له. بغية تحديد ما إذا كان ثمة اختلاف في نشاط الدماغ بين شخص أقدم على أمر عمداً وبين آخر قام به بتهور، أخضع علماء الأعصاب 40 شخصاً لعمليات مسح للدماغ. طلبوا منهم تخيّل أنفسهم في الوضع التالي: عليهم حمل حقيبة، قد تكون مليئة بالممنوعات أو لا، عبر نقطة تفتيش افتراضية، وفق الدراسة. في هذه التجربة، نوّع الباحثون احتمال أن تضمّ الحقيبة التي سيحملها المشارك «محتوى قيماً». على سبيل المثال، قدّموا للمشاركين في أحد السيناريوهات خمس حقائب واحدة منها احتوت على ممنوعات. لم يخبروا المشارك أياً منها تضمّ الممنوعات. ولكن لما كان يدرك جيداً الخطر، فيتصرف بتهور إن قبل بحمل إحداها عبر نقطة التفتيش. في سيناريو آخر، قدموا للمشارك حقيبة واحدة كي يعرف يقيناً أنها تحتوي على الممنوعات. لاحظ الباحثون أن أنماط نشاط دماغ المشاركين اختلفت كثيراً بين التصرف عمداً أو بتهور. على سبيل المثال، تبين أن جزءاً من الدماغ يُدعى الجزيرة الخلفية أصبح أكثر نشاطاً عندما عرف الشخص يقيناً أنه يحمل ممنوعات، وفق الدراسة. وبرز هذا الجزء من الدماغ في بحوث أخرى تناولت المخاطر والمكافآت، حسبما كتب الباحثون. باستخدام نموذج كمبيوتر يضمّ بيانات مسح الدماغ، تمكن الباحثون «من توقع بدقة عالية ما إذا كان الشخص يتصرف بعمد أو تهور» استناداً إلى هذه الأنماط، حسبما أضافوا. أكّد الباحثون أيضاً أن استخدام عمليات مسح الدماغ في القانون لا يُعتبر أمراً جديداً. على سبيل المثال، تُستعمل أجهزة الكمبيوتر لتوقّع ما إذا كان ثمة من يُصنّفون مرضى نفسيين. بالإضافة إلى ذلك، اعتمد بعض الدراسات على عمليات مسح الدماغ بهدف تحديد ما يدور في عقول المحلفين أثناء المداولة. المعرفة أو التهوّر لكنّ الاكتشافات الجديدة «تشير إلى أن الأهمية القانونية لمفهومَي المعرفة (التأكد من وجود ظروف معينة) أو التهور (إدراك احتمال أو أرجحية وجودها) تتجلّى بوضوح في دماغ الإنسان». إلا أن الباحثين شدّدوا على أن تقنيتهم «تمثل إثباتاً يؤكد هذا المفهوم، ولم تصبح بعد أداة يمكن استعمالها». ويتابعون موضحين أن دراستهم اصطدمت بحدود عدة. على سبيل المثال، من الممكن ربط المناطق التي تنشط في الدماغ خلال عمليات المسح بحالات عقلية أخرى لا علاقة لها، أي حالات في الدماغ لا دخل لها بالمعرفة والتهور، وفق الباحثين. بالإضافة إلى ذلك، أكّد الباحثون الحاجة إلى دراسات أكبر تشمل مجموعة أكثر تنوعاً من المشاركين. أسئلة أخرى بعد اكتشاف الاختلاف في حالات الدماغ عند الإقدام على نشاط ما، تنشأ أسئلة أخرى تحتاج إلى أجوبة، وفق مونتاغ. يرغب الباحثون مثلاً في معرفة دارات الدماغ المعنية بنشاط الأخير، فضلاً عن تأثير الأدوية وإصابات الدماغ المختلفة في الدارات، على حد تعبيره. كتب الباحثون: «من الممكن لتعزيز فهمنا طريقة تمييز الدماغ بين الظروف المؤاتية قانونياً في العالم أن يحسّن ما اقتصر حتى اليوم على عملية تخمين قانونية بشأن تأثير بعض الحالات العقلية في المسؤولية الجنائية».