"كيف تم إدخال القنبلة؟"، تساؤل غاضب طرحه سكان أمام كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا المصرية، بعد الاعتداء الذي تبنَّاه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المصلين الذين كانوا يشاركون في أحد الشعانين (السعف). داخل الكنيسة القبطية نجت أيقونتان لمارجرجس والسيد المسيح من عصف الانفجار. لكن بقع الدماء على بلاط المكان والركام الذي يغطي المقاعد الخشبية يعكسان هول المأساة التي ضربت الأقباط المسيحيين، حين انفجرت قنبلة قرب المذبح خلال القداس. وروى أدمون إدوار، الذي كان يشارك في القداس مع شقيقه إميل لوكالة الأنباء الفرنسية ما حصل، وقال: "وقع انفجار عنيف قرب المذبح. فجأة صار كل شيء أسود، وطار الناس الواحد فوق الآخر". كان إميل المصاب يقف إلى جانبه مضمد الرأس. في حين قال نبيل نادر لوكالة الأنباء الفرنسية: "سمعت الانفجار فأتيت راكضاً. شاهدت أشلاء" في كل مكان. ويقطن نادر قبالة كنيسة مارجرجس في طنطا، التي تبعد حوالي مئة كلم شمال القاهرة. وأضاف حزيناً: "والد أحد أصدقاء ابني كان في الصف الأمامي. لم نعثر سوى على حذائه". في مكان غير بعيد يحمل رجل آخر صليباً ملطَّخاً بالدماء، كان معلقاً في سعفة نخيل يحملها المصلون عادة احتفالاً بالشعانين، إضافة إلى كتب صلاة أتت عليها النار. وعلَّق "جاؤوا للصلاة فقضوا".غضب من الشرطة صافرات سيارات الشرطة تدوي باستمرار في المدينة، فيما تُواصل سيارات الإسعاف التوجه إلى المستشفى لنقل الجرحى. وسارعت الشرطة بعد الاعتداء إلى تطويق المكان، ومنعت كل الناس من دخول الكنيسة. رغم ذلك، سارع السكان إلى أمام واجهة الكنيسة، التي يرتفع عليها جرسان، ولم يخفوا غضبهم من تقصير الشرطة. فرغم التدابير الأمنية تمكَّن حامل القنبلة من دخول الكنيسة من دون صعوبة. وكانت الكنيسة أفادت، نهاية مارس/آذار، على صفحتها على فيسبوك أن "جسماً مشبوهاً" عُثر عليه أمامها، وأن فريقاً من خبراء المتفجرات ضبطه ونقله "إلى سيارة خاصة". وقالت نجاة أسعد باكية "كيف أُدخلت القنبلة فيما عناصر الشرطة يجلسون ويصطفون" أمام الكنيسة، وأضافت: "ما نفْعُ أجهزة كشف المتفجرات؟ لا نريد حمايتهم". يشعر الأقباط المصريون الذين سبق أن تعرضوا لتهديدات تنظيم "داعش" واعتداءاته بأن السلطات المصرية تمارس بحقهم التهميش والتمييز في بلد ذي غالبية مسلمة. لقد تحوَّل أَحَدُ الشعانين يوم حداد وحزن. وبعد ساعات من تفجير طنطا حاول انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً دخول كنيسة أخرى في الإسكندرية شمال البلاد. وكان بابا الأقباط تواضروس الثاني داخل الكنيسة، لكن عناصر الشرطة نجحوا في منع الانتحاري من تحقيق غرضه، ففجَّر نفسه في الخارج وقتل 16 شخصاً. واعتداءا الأحد هما بين الأكثر دموية في الأعوام الأخيرة ضد الأقباط، الذين يمثلون 10% من 92 مليون مصري. وكان اعتداء انتحاري استهدف، في ديسمبر/كانون الأول 2010، كنيسة القديسين بطرس وبولس في القاهرة، مخلفاً 29 قتيلاً. وتنبع رمزية الهجوم من كون الكنيسة ملاصقة للكاتدرائية المرقسية، مركز بابا الأقباط الأرثوذكس. رغم العنف والخوف واليأس يُصرُّ أقباط طنطا على الدفاع عن إيمانهم. وقالت امرأة: "نحن مسيحيون وسنبقى مسيحيين".