حدد مستثمران ومحللان 10 تحديات رئيسة تواجه زيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، ودعم إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، موضحين أن زيادة هذه المشاركة لم تعدّ ترفاً مع انخفاض أسعار النفط، وإعلان الحكومة إقامة علاقات شراكة كاملة بين القطاعين العام والخاص. 10 تحديات 1- توفير معلومات طويلة الأمد عن المشروعات الكبرى. 2- تغير سياسة البنوك في تمويل القطاع الخاص. 3- سرعة إصدار التشريعات الحاكمة للنشاط الاقتصادي. 4- تحسين الإجراءات الإدارية. 5- تسهيلات للتصدير إلى الخارج. 6- دخول مجال الصناعات المتقدمة. 7- تقديم عدد من الخدمات الأساسية. 8- التزام شركات القطاع الخاص بقواعد الحوكمة. 9- توفير معلومات كاملة عن ضريبة القيمة المضافة. 10- التنسيق مع غرف التجارة والصناعة والدوائر المحلية. مشروع قانون الاستثمار قال المحلل المالي، وضاح الطه إن «مشروع قانون الاستثمار يخلق بيئة جاذبة للاستثمار في القطاعات الجديدة، ويجعل الأولوية للاستثمار في مجالات الابتكار». ولفت الطه إلى أن إعلان الحكومة عن شراكة مع القطاع الخاص يجعل القطاع الخاص مطمئناً، ويفتح له الباب على مصراعيه للدخول بقوة في الاقتصاد، ورفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وأضافوا في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» أن هذه التحديات تتضمن ضرورة وجود خطة واضحة وشفافة في مجال المشروعات الكبرى، وتغيير سياسات القطاع المصرفي لتقديم تسهيلات ميسرة لتمويل القطاع الخاص، وسرعة إصدار التشريعات، وتقديم تسهيلات للتصدير، وتحسين الإجراءات الإدارية والتنفيذية، مع السماح للقطاع الخاص بتقديم بعض الخدمات الأساسية، والدخول في الصناعات الحديثة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والأدوية، والتخلي عن الصناعات التقليدية، مع تطبيق قواعد الحوكمة في شركات القطاع الخاص. يشار إلى أنه وفقاً لبيانات رسمية، يصل إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي إلى 27%، بينما تصل في إمارة دبي إلى 40%. التوجّه العام وتفصيلاً، قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، حمد العوضي، إن «التوجه العام للدولة هو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خصوصاً في المشروعات الكبرى، مثل البنية التحتية والمشروعات الرأسمالية والخدمات الحكومية، بجانب المشروعات الصحية والتعليمية»، لافتاً إلى أن «مفهوم الشراكةيتطلب متطلبات أساسية عدة، أهمها الشفافية ووجود خطة واضحة في مجال المشروعات تمتد 10 أعوام أو 15 عاماً مقبلة، حتى يستطيع القطاع الخاص التكيف مع المتغيرات الجديدة». وأضاف أن «الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليست ترفاً حالياً، بل هي ضرورة أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً في ضوء انخفاض سعر النفط»، مشدداً على ضرورة أن تتغير سياسات القطاع المصرفي الخاصة بتمويل القطاع الخاص؛ ليتماشى مع الاستراتيجية الحكومية والتوجه الحكومي، بحيث يكون داعماً للقطاع الخاص وليس معرقلاً له ولتطوره، ما يسهم في تحقيق زيادة كبيرة في مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي. وطالب العوضي البنوك في الدولة بتقديم تسهيلات في تمويل القطاع الخاص وبكلفة مناسبة، موضحاً أنه «ليس من المعقول أن تنادي الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص، بينما تعزف غالبية البنوك - ومعظمها بنوك حكومية - عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإذا قامت بالتمويل يكون بتكاليف عالية، ما يؤدي إلى عرقلة نمو هذا القطاع». كما دعا العوضي إلى الإسراع في إصدار التشريعات التي يعمل في إطارها القطاع الخاص، لافتاً إلى أن بعض التشريعات المهمة لاتزال تستغرق وقتاً طويلاً في إصدارها يصل إلى سنوات عدة، فضلاً عن ضرورة تحسين الإجراءات الإدارية الصادرة عن الجهات التنفيذية واللازمة لتنفيذ التشريعات، بحيث تتسم بالمرونة والشفافية. وأكد على أهمية تكثيف التعاون بين الحكومة ودوائر التنمية الاقتصادية وغرف التجارة والصناعة للتعرف إلى احتياجات القطاع الخاص، وسبل تحفيزه على النمو. قطاع البنوك من جانبه، دعا نائب رئيس جمعية رواد الأعمال الإماراتيين، إبراهيم شاهين، المصارف في الدولة إلى تقديم تسهيلات ائتمانية وضمانات للقطاع الخاص ليقوم بدوره في التنمية، مشيراً إلى أن اتحاد المصارف كان قد أعلن منذ فترة عن محفزات قوية للقطاع الخاص، إلا أنها لم تتحقق على أرض الوقع حتى الآن، ولاتزال الغالبية من القطاع الخاص، خصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة، تعاني بشدة للحصول على تسهيلات وضمانات لتستطيع توسيع نطاق عملها. وقال إن «الدولة مقبلة على طفرة كبيرة، خصوصاً في ضوء الاستعداد لمعرض (إكسبو 2020 دبي)»، محذراً من أن عدم مرونة البنوك في تمويل القطاع الخاص سيؤدي إلى دخول الشركات الأجنبية، بينما يتم تهميش الشركات الوطنية، خصوصاً الشركات المتوسطة والصغيرة. وأضاف شاهين أن «البنوك مطالبة بدراسة المراكز المالية للشركات بشكل كامل والتحقق من أن لهذه الشركات إدارات قوية قبل منحها التسهيلات والقروض، مع إعطاء امتيازات للشركات القوية التي تستحق ذلك»، مطالباً الحكومة بتوفير كل المعلومات بشكل سريع وشفاف عن ضريبة القيمة المضافة حتى تستطيع الشركات اتخاذ قراراتها الخاصة بالاستثمار، وتسعير المنتجات بشكل صحيح، وحتى تتجنب الشركات تحقيق خسائر عند بدء التطبيق. وأشار إلى أن الإعلان عن هذه الضريبة من دون تفاصيل كافية أدى إلى حدوث ارتباك لبعض المستثمرين، مؤكداً أهمية تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار أمام القطاع الخاص، من أجل زيادة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي لم يعدّ ترفاً في هذه المرحلة - على حد قوله - خصوصاً مع وجود منافسين أقوياء في المنطقة، استطاعوا خلال الفترة الأخيرة تحقيق إصلاحات اقتصادية قوية، جذبت مستثمرين كباراً من الإمارات ودول العالم. القطاع الخاص من جهته، اعتبر المحلل المالي صلاح الحليان، أن «القطاع الخاص في الإمارات قوي وقادر على أن يقوم بدور كبير في دعم الاقتصاد والتنمية، ويعد أفضل قطاع خاص في منطقة الخليج من حيث الإنتاجية والمهارات والكفاءات، بشرط تحفيزه ومنحه الفرصة الكاملة ليقوم بذلك». وطالب الحليان بتوفير الأرضية الخصبة للقطاع الخاص للعمل عبر تخلي الحكومة عن بعض المسؤوليات والأدوار ليقوم بها القطاع الخاص، مثل تقديم العديد من الخدمات الأساسية في القطاعات كافة، بدلاً من الحكومة، مشيراً إلى أنه ليس من مسؤوليات الدولة تقديم الخدمات أو توظيف المواطنين، وهو ما كان يحدث منذ الطفرة النفطية في كل دول الخليج، ما نتج عنه تضخم في الجهاز الحكومي، وكفاءة منخفضة في الأعمال بالنسبة لقطاع من الموظفين. ولفت إلى أن قيام القطاع الخاص بتقديم الخدمات يؤدي إلى حدوث تنافس بين مختلف الشركات، ما يخلق الإبداع والابتكار في تقديم الخدمات لمصلحة المستهلكين، مؤكداً على ضرورة تهيئة المناخ للقطاع الخاص للدخول بقوة في صناعات التكنولوجيا الحديثة والأدوية وغيرها، لخلق قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الوطني، وإعطاء مزايا وتسهيلات للتصدير للخارج، بعد أن سادت فترة طويلة ثقافة الإنتاج للسوق المحلية فقط، فضلاً عن تسهيل عملية تأسيس مشروعات صغيرة ومتوسطة، والاهتمام بتنمية روح المخاطرة عند المواطنين لتحقيق ذلك. قوانين وتشريعات وشدد الحليان على أهمية إصدار قوانين وتشريعات تنظيمية للدور الجديد للقطاع الخاص لحماية الاقتصاد من أجل محاربة الاحتكار وحماية الملكية الفكرية، لافتاً إلى أن اقتصادية دبي، على سبيل المثال، بدأت تعهيد بعض خدماتها للقطاع الخاص باعتباره قادراً على القيام بها بكفاءة أفضل وتكاليف أقل. وقال المحلل المالي، وضاح الطه إن «الإمارات تعدّ حالة نادرة في تركيبة النشاط الاقتصادي والمبادرات الخاصة بتطوير النشاط الاقتصادي وإدارة المشروعات، إذ إن القطاع الخاص يقود التقدم في العديد من دول العالم المتقدم، بينما يقود القطاع الحكومي العديد من المبادرات ويمهد الطريق للقطاع الخاص في الإمارات». واعتبر الطه أن كثيراً من شركات القطاع الخاص في الإمارات هي شركات عائلية تحتاج إلى تطبيق قواعد الحوكمة، بدلاً من قيامها على أساس النظام الفردي، داعياً القطاع الخاص إلى الخروج من تركيز العمل على القطاعات التقليدية، مثل العقارات، إلى الدخول في القطاعات الحديثة، مثل الطاقة المتجددة؛ لخلق نوع من القوة والقيمة المضافة للاقتصاد. كما طالب القطاع الخاص بالتركيز على دخول قطاع الخدمات الذي يميز الإمارات، خصوصاً أن هوامش أرباحها عالية، مشيراً إلى أهمية البعد عن القطاعات التقليدية مثل قطاع الصناعات الثقيلة، الذي يشهد منافسة عالية، والتركيز على اقتصاد المعرفة والمجالات العديدة المرتبطة به.