قال لي صديقي العتيد، يعقوب، يوما، وكان ذلك في ستينات القرن الماضي، إنه يثق بطائرات الكتلة السوفيتية أكثر من ثقته بطائرات الشركات الغربية، فنادرا ما نسمع عن تعرض طائرات الكتلة لكوارث جوية! قلت له إن السبب يكمن في قلة عدد الطائرات التجارية لدى الكتلة الشيوعية، مقارنة بما لدى الغربيين منها. كما أن التعتيم الإعلامي خلف الستار الحديدي لا يسمح بنشر أخبار الكوارث بشفافية. تذكرت تلك القصة عندما أخبرني صديق أن الفساد السياسي والإداري في الدول الخليجية أقل منه في الكويت، فقلت له إن الأمر قد يكون كذلك، ولكن في ظل ضيق مساحة الحرية الإعلامية في الدول التي أشار إليها، لا يمكن الجزم بمدى عمق مؤسسات الفساد فيها، وبالتالي قد يكون الوضع لديها أفضل أو أسوأ بكثير، ولكنه في الكويت قريب جدا مما نعرفه. الغريب ليس في وجود الفساد في الكويت، فهي مثلها مثل غيرها، ولكن في تنوع الفساد من جهة، وتعارضه الشديد مع كل مظاهر التدين، التي هي بازدياد مستمر. فنحن لدينا جيش صغير من حملة شهادات الدكتوراه وغيرها الوهمية، ولكن لا جهة ترغب في «فضح» هؤلاء، خاصة أن بينهم من يتولون مناصب أكاديمية، تعليمية أو إدارية عالية. كما لدينا جيش صغير آخر من مزوري شهادات الإعاقة، وهؤلاء حصلوا على عشرات ملايين الدنانير في صورة مساعدات اجتماعية، وساعدهم «أطباء»، أبوقراطيون، في الحصول عليها، زورا. كما لدينا جيش أقل صغرا من مواطنين توفي معيلهم، فقاموا بدفنه في دول الجوار، ولم يقوموا، قصدا، بإعلام السلطات الكويتية بوفاته، ليستمروا في قبض المساعدات والرواتب نيابة عنه. وهناك فريق أدمن على تزويج ابنته، ليشارك زوجها في الحصول على المكافأة السخية، ثم تطليقها وتزويجها بآخر، ومشاركة الزوج في المكافأة.. وهكذا! وهناك مزورون موسميون من بائعي الأصوات الانتخابية، النيابية وغيرها. وهناك فريق أتقن الحصول على مختلف المواد الغذائية ومواد البناء، والأعلاف المدعومة، وبيعها في السوق القرمزية، وتحقيق الفرق لنفسه. هذا غير جحافل مزدوجي الجنسية، الذين يتحايلون على الدولتين، هذا بخلاف أنواع الغش التجاري المتعددة، من مواطنين ومقيمين. كما اشتهرنا بقضايا اختلاسات ملحقياتنا الخارجية، والتلاعب بفواتير العلاج بالخارج، وفضائح مالية في بعض الجمعيات التعاونية، وأكثر منها في جمعيات خيرية، هذا غير اختلاسات وسرقات مؤسسة التأمينات الاجتماعية، حتى وصل النصب إلى عمق المؤسسة الدينية، ولهيئة القرآن، التي أحيل المتهمون فيها إلى النيابة! ولا ننسى في هذه العجالة رشى بعض النواب، وعطايا، أو مساعدات مختلفة ومتنوعة الأساليب.. هذا غير الملايين التي يدفعها الأفراد والشركات للفوز بالمناقصات أو تمرير المعاملات وغير ذلك.(يتبع..) أحمد الصرافhabibi.enta1@gmail.comwww.kalamanas.com