قالت صحيفة واشنطن بوست إن الأمور في سوريا تسير بسرعة جنونية في ظل التطورات التي تشهدها الساحة الميدانية، وآخرها الهجوم الصاروخي الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية (شرقي مدينة حمص) الخميس الماضي.وأضافت أن قصف النظام السوري بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بالغازات السامة أحدث تحولا في موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه دمشق. واستعرضت الصحيفة عددا من الأجوبة عن أسئلة طرحتها وقالت إنها تساعد في فهم هذا التحول المفاجئ والمثير، وبدأت واشنطن بوست بالتساؤل عن الذي حدا بالرئيس بشار الأسد لاستخدام أسلحة كيميائية في المقام الأول، وما إذا كان لا يدري أن ذلك سيدفع الولايات المتحدة للتدخل. ونقلت الصحيفة عن أندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قوله إن الحكومة السورية تسيطر على ثلث البلاد فقط، وجيشها منهك بسبب ضغوط الروس على الأسد كي يمضي قدما في هجومه. وقال تابلر إن الأسد بدأ يفقد مواقعه في المنطقة التي حدث فيها القصف بالغازات السامة الثلاثاء، وإنه لا يملك القوات الكافية لاسترداد تلك المناطق من المعارضة المسلحة، ولذلك لجأ إلى ما يخبئه من أسلحة كيميائية. ومع أن استخدام السلاح الكيميائي أثار غضبا دوليا عارما في السابق، فإن الأسد ربما ظن أنه قد يفلت من عواقب فعلته، بحسب تابلر الذي أعرب عن اعتقاده بأن الرئيس السوري وحلفاءه الروس كانوا على قناعة بأن لديهم تفويضا مطلقا لعمل ما يريدون، وقد أخطؤوا في ذلك. والحالة هذه، لماذا اختارت الولايات المتحدة قاعدة الشعيرات الجوية لمهاجمتها؟ وما الذي حققته من ذلك الهجوم؟ وتجيب واشنطن بوست بالقول إن المسألة في غاية البساطة، وهي أن الشعيرات هي القاعدة التي شنت دمشق منها الهجوم الكيميائي على خان شيخون في إدلب. وطبقا للولايات المتحدة، فإن المؤشرات الأولية تؤكد أن الضربة "أحدثت أضرارا بالغة أو دمرت طائرات سورية ومنشآت بنية تحتية"، لكن الصحيفة رأت أن من الصعب التحقق من تلك المزاعم من جهة مستقلة.طفلة من ضحايا الهجوم بالغاز السام على بلدة خان شيخون في إدلب (رويترز) ومن النقاط التي يمكن أن تساعد في فهم ما جرى أن الصراع في سوريا أخذ طابع الحرب الأهلية إلى جانب الحرب بالوكالة؛ ذلك أن دولا كثيرة ضالعة فيها، ولروسيا من الدوافع ما لا يمكن حصره؛ فانخراطها في سوريا يجعل منها لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط وحاميا لقاعدتها العسكرية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط، كما يمنحها وسيلة للاضطلاع بدور صانع سلام دولي. ثم هناك إيران التي لديها أكثر من ألفي جندي لدعم الجيش السوري، لكن طهران تنفي في العلن تورطها في سوريا، وتنطلق إيران في دعمها للأسد من طموحات إقليمية؛ فهي الدولة الشيعية الأقوى في الشرق الأوسط، وتتطلع للوقوف إلى جانب الأنظمة الشيعية الأخرى كحكومة دمشق. كما أن إيران قلقة تماما من صعود تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة -وهما جماعتان سنيتان تصفهما الصحيفة الأميركية بالإرهابيتين، وسبق لهما أن استهدفا الشيعة. وإذا سقط النظام السوري، فإن إيران سوف تكون مضطرة لقتال هذين التنظيمين داخل أراضيها، كما قال أحد الخبراء من قبل. ومضت واشنطن بوست إلى القول إن الضربة الأميركية لن تؤثر كثيرا في قدرات جيش الحكومة السورية، ولن تفضي إلى تغيير من أي نوع للنظام إلا إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكريا بشكل أكبر. وما دامت الإستراتيجية الأميركية تقوم على مبدأ أنه "لا بد من فعل شيء"، فإن أطفال سوريا (وكبارها) سيلقون حتفهم على نحو بشع وبطرق غير إنسانية، وسيبقى الأسد في السلطة، وسيواصل حصد أرواح شعبه والإفلات من العقاب، كما أن روسيا وإيران ستستمران في حروبهما بالوكالة، بينما ستزداد الخلايا الإرهابية منعة، بحسب الصحيفة. وبعبارة أخرى، فإن سوريا كانت وما زالت وستظل مستقرا للفوضى، ولن يستطيع ترمب فعل الكثير لتغيير الواقع.