أغسطس (آب) 2013 قصفت قوات بشار الأسد بغاز السارين السامّ بلدات الغوطتين، فقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم نساء وأطفال. انتظر العالم كله حينها، إلا العقلاء، رد فعل «الصابر الاستراتيجي» باراك أوباما على انتهاك بشار للخط الأحمر الذي رسمه له الرئيس الأميركي «العظيم». ترقب الروس والإيرانيون، وأتباعهم بالعراق ولبنان واليمن، كيف ستغير المقاتلات الأميركية، وصواريخ التوما هوك، على قصر بشار في قاسيون، ومخابئ عصاباته بدمشق وطريق بيروت الدولي، مثلاً. تمخّض الجبل فولد «حكمة» أوبامية، مع ابتسامة وخيلاء فارغتين. بعدها استولى الروس، على المشهد، وعلموا أن مرحلة أوباما فرصة لا تعوض. الرئيس الحالي، دونالد ترمب، اتخذ من هذا الجبن الأوبامي، فرصة للتنديد به، وتبيان كيف أن خور أوباما هو الذي دهور الأمور في سوريا والعالم كله. الآن كرّر نظام بشار جريمته ببلدة خان شيخون، بنفس غاز السارين القاتل، واستهدف 500 شخص جلهم من المدنيين والنساء والأطفال. كالعادة، دافعت إدارة القيصر الروسي بوتين، بكل استغباء للناس، عن تابعهم بشار، بجريمة خان شيخون، وقالوا: العالم كله مستعجل، ويجب عليه الصبر - أينك يا صبر أوباما! - وإنه صحيح الجريمة «وحشية» لكن الرأي لدينا أن طائرات بشار إنما ضربت مخازن السارين التابعة لجبهة النصرة، فسبحان الله، ما تدري كيف صار الأمر، تسربت الغازات تلك، ولم تحترق، وصعدت للسماء، وهي رطبة بقطرات السم، ثم فجأة هطلت على الأهالي في خان شيخون! هذا ما جرى، بأمانة. محامي النظام، المعلم وليد، سارع هو الآخر لترويج هذا الدجل، وقال نحن: «لم ولن نستخدم السلاح الكيماوي ضد الشعب والأطفال، ولا حتى ضد الإرهابيين»، على أساس أن ما جرى بالغوطتين في 2013 بسبب كائنات فضائية مريخية. بالعودة لأخينا أوباما، فهو ظل مصمماً على خطئه، وقال قبل أيام من رحيله عن الرئاسة، مع «سي بي إس» الأميركية إنه «ارتجل» عبارة الخط الأحمر بخطاب ألقاه في البيت الأبيض سبتمبر (أيلول) 2012، قبل عام من جريمة النظام الكيماوية بالغوطتين. يرتجل، فهو الخطيب المصقع! على كل حال، ذهب أوباما، وجاء الناقد الأكبر له، دونالد ترمب، وجريمة خان شيخون أول اختبار له، فماذا سيفعل؟ هو علق بكلام قوي ضد بشار وختم: «تصرفات بشار الأسد الشريرة نتيجة لضعف الإدارة الأميركية السابقة وترددها». كلنا نعرف ذلك، فكيف سيكون ترمب مختلفاً عن الواهم أوباما؟ عضو الكونغرس الأميركي توم كوتون طالب ترمب بـ«مواقف حازمة»، منبّهاً الجميع أن «ترمب هو الرئيس... ليس أوباما». كيف سيردّ ترمب؟ تلك هي المسألة.