×
محافظة الحدود الشمالية

مبنى مدرسي مهجور يقلق أهالي مساعدية عرعر

صورة الخبر

بدأت التكهنات والتساؤلات عن الفنانين الذين سيقومون بالأدوار الرئيسة منذ بدء الإعلان عن إعادة تقديم فيلم الزوجة الثانية كمسلسل مكون من ثلاثين حلقة يحمل الاسم نفسه، وذلك بالتحديد دور الفنانة سعاد حسني والفنان الراحل صلاح منصور، اللذين قدما الفيلم باقتدار وحرفية جعلت منه علامة من علامات السينما. الكل يعلم كيف أجادت سعاد حسني دور البنت الفلاحة البسيطة لأول مرة وحينذاك راهن عليها مخرج الروائع الراحل صلاح أبو سيف، وقِيل وقتها إنها بدأت تَخرج قليلاً من ثياب الأدوار التي وضعتها في قالب واحد ليصنع لنا المخرج واحداً من أهم الأفلام التي خلدتها السينما المصرية، ولكن مع بداية التفاوض مع الفنانين وعرض هذا الدور على الفنانة رانيا يوسف رفضت لأسباب تعلمها هي، ثم اعتذرت الفنانة دينا فؤاد هي الأخرى أو اختلفت على الأجرً وحسناً ما فعلاه فلقد بعدا عن المقارنة بالسندريلا سعاد حسني، إلى أن عُرض الدور على الفنانة آيتن عامر التي بدورها وافقت، وأقولها صريحة هي أخفقت في أداء الدور ووضعت نفسها في مقارنة حتمية مع السندريلا سعاد حسني التي لا يُضاهيها أحد في الأداء وتاريخها الفني يشهد على ذلك، فهي الفنانة الشاملة كما لقبها مُحبوها والكثيرون، أما آيتن عامر فهي فنانة مجتهدة وتحاول منذ بدايتها أن تسير في طريق سليم وتضع لنفسها بصمة مميزة، لكن عندما اقتربت من عالم سعاد حسني ظلمت نفسها وأصبحت هي الخاسرة. والعيب هنا يكمن في المعالجة الدرامية للقصة التي وضعتها في مهب الريح وجعلت من التركيز الدرامي على الشخصية التي تؤديها وكأنه سكوب دائم عليها دون غيرها، لذلك كانت هي الأكثر عُرضة للقيل والقال، وهذا يرجع للكاتب يس الضوي الذي وضعها تحت دائرة الضوء المباشر بسبب التغيرات الجذرية التي أضافها إلى الشخصية الرئيسة، ما جعلها مُقحمة دائماً في كل الحلقات، ظلمها أيضاً عندما أضاف الشر والانتقام إلى الدور الذي أدته سعاد حسني بمنتهى الطيبة والتسامح ليُحبها الجمهور، بل يتعاطف معها، لأن المؤلف حِينها جعل شخصية العمدة الشريرة هي المحورية وركز عليها أكثر وعلى ما كان يفعله من افتراء وظلم واغتصاب للحقوق على عكس آيتن عامر التي كرهها المشاهدون بعد التحول العدائي في شخصيتها، متناسين أنه مجرد دور تمثيلي لا يَمت للواقع بصلة، لكنها حِرفية السيناريو التي تجعل منه عملاً واقعياً يلامس النفس البشرية مباشرة ويدخلها في السياق الدرامي وكأنه واقع نعيشه ومن ثم نتعاطف معه. لكننا لو وضعنا في الاعتبار الأداء التمثيلي وتقييمه فهناك تفاوت في ذلك بين الممثلين، فالفنان عمرو عبد الجليل الذي قام بدور العمدة عتمان في المسلسل لم يضعه الجمهور في مَوضع مقارنة مع الفنان الراحل صلاح منصور في الفيلم لأنه فنان ذو كاريزما مميزة وطلة فنية مُقنعة، حتي صوته كانت نبراته تُوحي بشخصية لها هيبة، لكن صناع السينما ظلموه حين وضعوه دائماً في أدوار الشر المفرط في كثير من الأعمال على الرغم مما يتمتع به من خفة دم وروح مرحة واضحة عليه وأظهرها بعض المخرجين ومنهم الرائع صلاح أبو سيف الذي جعلنا نشاهد الشخصية المزدوجة له في الفيلم ما بين الظالم والسذاجة وأحياناً أخرى يتناول حياته اليومية مع زوجتة بشيء من روح الدُعابة وكوميديا الموقف، وبالرجوع للمقارنة بين الاثنين نجد عمرو عبد الجليل واضحاً وصريحاً، بل عفوي في أدائه وهذا ما ميزه منذ بدايته، فهو يتقمص الشخصية ويؤديها بطريقته التي تجعله يبتعد عن المقارنة، لهذا نجح، بل يعتبر الحسنة الوحيدة في العمل. أما الفنان عمرو واكد فلم يُوفق رغم أنه حاول الابتعاد عن الشخصية الأساسية التي أداها شكري سرحان، وللحق فهو نجح في الابتعاد، لكنه لم ينجح في أداء مقنع، بل جاء دوره باهتاً وبعيداً كل البعد عن الجوهر الأساسي والمضمون الذي يجعل من الشخصية شيئاً أهمها أن يظهر الشخص المغلوب على أمره وبلا حيلة ليكون موضع تعاطف على عكس الفيلم الذي أحب فيه الناس هذا الدور، ولهذا نجح واكد في الابتعاد جذرياً عن الدور الأصلي مثلما كان يبغي، بل لم يأخذ حتى الجوهر الداخلي الذي يعطي له المذاق الفني. لتأتي بعد ذلك الفنانة عُلا غانم التي تفوقت في الأداء على نفسها، لكن في الجزء الأخير فقط من العمل بعدما بعدت عن شخصية حفيظة الإنسانة المتسلطة في كل شيء وعلى الرغم من أنها وضعت نفسها في تقييم مع الراحلة سناء جميل لكنها سرعان ما ابتعدت عن هذه المقارنة في الجزء الأخير عندما تركت الحياة الرغدة الناعمة وواصلت حياتها بزهد وتقشف وهذا يحسب للإضافة التي وضعها السيناريست لتلك الشخصية على عكس الفيلم. وفي المُجمل المسلسل لا يرقى لأن نضعه في خانة واحدة مع الفيلم، لأننا بذلك نَظلم عمالقة زمن الفن الجميل، هؤلاء الذين أعطوا بمصداقية وروح فنية عالية تركت لنا تراثاً فنياً جميلاً نستمتع به إلى وقتنا هذا ولا نَمل من تكرار مشاهدته، لهذا كان لا بد من التريث في وضع عمل يوازي أو حتى يقترب من العمل الأصلي، أو بالأحرى نبتعد كلياً عنه ونأتي بفكرة أو قصة أخرى لا تظلم العملين ولا تضعهما في ميزان المقارنة غير المتكافئة، حقاً هذه الغلطة تقع على عاتق السيناريست الفنان يس الضوي الذي قدم عملاً ضعيفاً، والغريب أنه في الوقت نفسه أدى دوره باقتدار، والسبب هو الشخصية ذاتها التي تُقدم لأول مرة وفي منأى عن المقارنة لأنها دَخيلة على العمل الأصلي وهي شخصية الشيخ محمود الآتي من الصعيد والمتصدي الدائم لظلم العمدة. ومع الأخطاء التي وقعت في السيناريو وجعلته ضعيفاً إلى حد ما جاء المخرج خيري بشارة ليُدخلنا في صراع مع المط والتطويل في الحلقات لنخرج من حلقة إلى أخرى بلا جديد مجرد مُجريات للأحداث تدور برتابة وتكرار لم يُعيشنا في خطوط عريضة، بل أدخلنا في متاهة بلا معنى، الحسنة الوحيدة التي تحسب له هي العمل مع مواهب فنية جديدة ذات طاقات تمثيلية هائلة لم تستثمر من قبل مثل الممثل الذي قام بدور الشيخ عيسى، وللعلم هذا الممثل سبق أن عمل في مسلسل قدمه خيري بشارة منذ عشرة أعوام مع الفنانة إلهام شاهين اسمه مسألة مبدأ، لكن من حينها لم نَر له أعمالاً أخرى ولا نعرف ما السبب وهل لا يعمل سوى مع المخرج خيري بشارة فقط على الرغم من أنه موهبة فنية جيدة وتستحق التشجيع؟ وهناك شخصية أخرى وهي الغفير حسان التي قدمها ممثل شاب مُتمكن وأداها بطريقة عفوية أبعدته عن المقارنة مع الشخصية التي قام بها الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم. ومع وجود شخصيات موهوبة ظهرت علينا شخصيات فخرية لم يكن لها داع مثل راوية المرأة اللعوب التي يتهافت عليها الرجال في المسلسل، وهي شخصية مُقحمة على العمل لم تقدم جديداً، قدمت فقط الابتذال والإغراء والحركات المصطنعة لم تعط سوى الرتابة والملل. لقد كانت المقارنة بين العَملين سواء الفيلم أو المسلسل حتمية وضرورية حتى لا يُشوه التراث الفني ويضيع مع عبث بعض الأشخاص لمجرد استثمار اسم الفيلم الناجح مع أنهم كانت لديهم الفرصة ليعتمدوا على فكرة الرواية الأصلية ويطوروها بما يتناسب مع الواقع الذي نعيشه ويناقشوا مواضيع الصراع بين الظالم والمظلوم التي دارت حولها فكرة الفيلم، لكن ما فعلوه أنهم داروا في حلقة مفرغة وكانت نتيجتها سقوط المسلسل الذي انتظره الناس ليضعوه فقط في ميزان المقارنة مع الفيلم، فتكون النتيجة خسارته أمام التراث الفني العميق.