مؤخراً، غرَّد الرئيس دونالد ترامب، في حسابه في موقع "تويتر": تجب قراءة كتاب نيك أدامز الجديد: "محارب البطاقة الخضراء"، يجب العمل بنظام التميز (لدخول الولايات المتحدة)، مثل: كندا وأستراليا". في الحال، وكعادة كل كتاب أو موقع أو تغريدة يشير إليها ترامب، تضاعف الإقبال على الكتاب، رغم أن مؤلفه أسترالي، وعمره 33 عاماً، وهذا أول كتاب له، وكان الكتاب مغموراً في قائمة كتب موقع "أمازون". يبدو أن ترامب نصح بقراءة الكتاب لسببين: أولاً: ينتقد الكتاب نقداً كثيراً الرئيس السابق باراك أوباما، ويتهمه بوضع قانون للهجرة يجامل الأقليات، ويشجع "دخول الذين سيكونون عالة على دافع الضرائب الأميركي". ثانياً: يقترح الكتاب نظام "ميريت" (التميز) لهجرة الأجانب إلى الولايات المتحدة، وهو النظام الذي تستعمله دول مثل كندا وأستراليا، ويعتمد النظام أكثر على مؤهلات وكفاءات الشخص. في جانب، قال بيتر كاسبوروفيتز، ناقد كتب في صحيفة "واشنطن أكزامينر" اليمينية: "يكشف هذا الكتاب كيف أدخل الرئيس السابق أوباما السياسة في الهجرة إلى الولايات المتحدة، استعمل أوباما الهجرة لكسب مزيد من الذين يؤيدونه، وعرقل دخول الذين يعارضونه". لكن في الجانب الثاني، قال كارلوس لوزادا، ناقد كتب في صحيفة "واشنطن بوست": قال ترامب: "تجب قراءة" هذا الكتاب، وأقول أنا: "يجب عدم قراءة الكتاب، ويجب الضحك على الكتاب". وأضاف لوزادا: "إذا كان هذا النوع من الكتب هو الذي يقرأه رئيس الولايات المتحدة وزعيم العالم الحر، يجب الضحك، وإذا كان هذا الكتاب هو مصدر ترامب لإصدار قوانين الهجرة، يجب القلق". هذه فصول الكتاب: 1- حياتي (بداية بميلاده في سيدني، في أستراليا، عام 1985). 2- أميركا (بداية بحبه لأميركا عندما أمسك بأول علبة "كوكا كولا"). 3- عراقيل أمام دخول أميركا (مشاكل مع القنصل الأميركي في سيدني). 4- الموضوع (صعب دخول أميركا قانونياً، وسهل دخولها خرقاً للقانون). 5- منظمة "فلاغ" (حرية وعظمة أميركا، أسسها مؤلف الكتاب). وهناك فصل عن نفسه، وفصل عن الذين "شجعوني في حياتي"، ومعلومات وجداول وبيانات عن آرائه السياسية المحافظة، سواء في أستراليا، أو هنا في الولايات المتحدة. يجمع الكتاب بين الهجوم على الليبرالية والليبراليين، بقيادة أوباما، وبين الإشادة بالولايات المتحدة، بأنها "أعظم دولة في تاريخ الإنسانية". ويفصل المؤلف الإجراءات الروتينية التي يجب أن يتخذها كل من يريد الهجرة إلى الولايات المتحدة، لكنه يفصلها تفصيلاً دقيقاً جداً، مثل: "أيقظتني والدتي بلمسة خفيفة على كتفي، وعندما فتحت عيني رأيتها أمامي، تبتسم لي في حنان الأم الحقيقي، وتقول لي إن المحامي (محاميه للهجرة) يريد أن يتحدث معي تلفونياً". يفصل المؤلف القوانين، والأوراق، والبيانات، والإيميلات، والخطابات، والوثائق الورقية، وتوصيات محاميه، وردود ضابط الهجرة في القنصلية الأميركية في سيدني - حتى يوم حصل على الموافقة. لكن، بدلاً عن أن يصور ذلك نجاحاً يفرح له، صوره بأنه عراقيل "وضعتها إدارة الرئيس أوباما لمنع معارضيه (المحافظين) من دخول الولايات المتحدة"، خاصة "أصحاب المؤهلات غير العادية" (مثله). صور المؤلف الموضوع في صورة "مؤامرة" ضده وضد "أعداء أوباما"، وشن هجوماً عنيفاً على مسؤول القنصلية الأميركية في سيدني لأنه، في البداية، رفض قبول طلبه؛ لأنه لم يستوفِ شروط القبول، ومنها: وثائق تثبت حالته المالية (حتى لا يكون عبئاً على الحكومة عندما يهاجر إلى أميركا). وبدلاً من نقد محاميه، انتقد مسؤول القنصلية، بل قرأ صفحة المسؤول في موقع "فيسبوك"، وفسر تعليقاته (العامة والخاصة) بأنها دليل على أنه "ليبرالي"، يعرقل سفره إلى أميركا، وكتب في الكتاب: "تعمد هذا الرجل (بدون ذكر اسمه) أن يدمر حلم حياتي، منذ أن كنت طفلاً، بأن أهاجر إلى أعظم بلد في العالم". عن هذا، قال لوزادا، ناقد الكتب في صحيفة "واشنطن بوست": "لم يقدم مؤلف الكتاب أي دليل ضد مسؤول القنصلية، أو حتى ضد الرئيس السابق أوباما؛ ليثبت هذه العراقيل أمام هجرته، لكن في عهد الرئيس ترامب، مَن يريد أي دليل؟". مؤخراً، تحدث مؤلف الكتاب في تلفزيون "فوكس" (اليمينى)، وانتقل من "عراقيل أوباما" إلى "حائط ترامب" (إشارة إلى وعد ترامب ببناء حائط على الحدود مع المكسيك)، وبالإضافة إلى تأييد بناء الحائط، ركز المؤلف على نظام "ميريت" (التميز) الذي تستعمله بعض الدول (مثل أستراليا وكندا) لقبول المهاجرين. لكن، مرة أخرى، لم يقدم الكتاب معلومات قانونية وتاريخية تشرح الموضوع، أو تقنع المسؤولين الأميركيين باستعماله. لم يقل، مثلاً، إن نظام الهجرة في كندا يختلف كثيراً عن الذي في الولايات المتحدة: أولاً: توجد "وزارة الهجرة واللاجئين والتجنس" في كندا. في الولايات المتحدة، كانت وزارة الخارجية تدير الهجرة، ثم تحولت الهجرة إلى وزارة "أمن الوطن"، وصارت جزءاً من الوضع (والقلق) الأمني. في الحقيقة، كان اسم وزارة كندا "التجنس والهجرة"، وقبل 3 أعوام، صارت "الهجرة واللاجئين والتجنس"، تاكيداً لمزيد من الترحيب باللاجئين. ثانياً: تستعمل كندا 7 أنواع من "الهجرة الاقتصادية"، اعتماداً على المؤهلات والخبرات، لكن عكس ما يقول مؤلف الكتاب (وما يبدو أن الرئيس ترامب يؤيده فيه)، تظل "الهجرة العائلة" موجودة في كندا، وذلك ضمن برنامج "جمع شمل العائلات"، وتظل النوع الرئيسي. في الحقيقة، فقط 20 في المائة من المهاجرين إلى كندا "مهاجرون اقتصاديون"، عكس الاعتقاد بأن كل، أو أكثر، المهاجرين هم كذلك. بالنسبة للولايات المتحدة، ينص القانون على دخول حوالي مليون مهاجر كل عام. في الماضي، كان التركيز على "الهجرة الثقافية" (الغربيين)، لكن بداية من عام 1965، صار التركيز على "الهجرة الوطنية" (حسب الدول)، وزاد هذا عدد المهاجرين من دول العالم الثالث. في عام 2014، كان 40 في المائة من المهاجرين من آسيا، و40 في المائة من أميركا الوسطى والجنوبية، و10 في المائة من إفريقيا، و10 في المائة من أوروبا، تقريباً؛ لهذا انخفضت نسبة الأميركيين البيض إلى 70 في المائة (كانت 80 في المائة عام 1980، و90 في المائة عام 1950). لهذا، تندَّر معلقون أميركيون بأن شعار ترامب "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" هو في الحقيقة "لنجعل أميركا بيضاء مرة أخرى". ويبدو أن هذا هو "الحلم الأميركي الخفي" لترامب، ولمؤيده، ومنهم مؤلف هذا الكتاب. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.