×
محافظة حائل

“مكة والرياض” تتصدّران بـ 47 % من إجمالي القضايا الواردة خلال 6 أشهر

صورة الخبر

منذ انتخابه لم يطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رؤية واضحة ومتماسكة لسياساته في الشرق الأوسط. ربما يحتاج إلى استكمال اللقاءات التي بدأها مع قادة المنطقة، ولكن المؤكد أنه لن يدير ظهره لها. سيظل الشرق الأوسط مهماً وحيوياً للأمن القومي الأمريكي رغم ما يقال عن تراجع أهميته وكثرة مشاكله، ورغم ما قاله ترامب نفسه خلال حملته الانتخابية من إن بلاده خسرت 6 ترليونات دولار بسبب مشاكل الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين دون أن تحقق إنجازاً يذكر.الفوضى التي تتفشى في المنطقة، والإرهاب الذي ينطلق من بؤرها المتفجرة، وطوفان اللاجئين المتدفق إلى الشمال، والحروب التي تستعر داخل كياناتها الممزقة، كلها عوامل لا تدع أمام واشنطن خياراً آخر غير التدخل. بل تجعل الانتظار رفاهية لا يحتملها الأمن القومي الأمريكي. غير أن هذا التدخل لا يعني بالضرورة أن واشنطن ستسعى لإيجاد حلول جذرية لأزمات المنطقة، بل الأرجح أن ينصرف جهدها لإخماد ومحاصرة الحرائق المشتعلة. لذلك لم يكن غريباً أن تسقط القضية الفلسطينية تماماً من خريطة طريق لحل قضايا المنطقة طرحتها قبل أيام صحيفة «واشنطن تايمز» اليمينية القريبة من الإدارة الحالية. أهمية ما نشرته الصحيفة وقالت إنه استراتيجية جديدة يمكن لترامب تنفيذها لا يرجع فقط لكونها واحدة من أقوى المنابر الإعلامية المؤيدة لليمين الحاكم والمعبّرة عنه، ولكن أيضاً لأن من أعد الدراسة اثنان من الصقور اللذين تجد كلماتهما آذاناً صاغية بين زملائهما من مستشاري ومساعدي الرئيس. الخبيران هما جيمس ليونز القائد السابق للأسطول الأمريكي في المحيط الهادي، وكلارا لوبيز الخبيرة السابقة في المخابرات، ونائبة رئيس مركز السياسات الأمنية، وهي مشهورة بمواقفها غير الودية تجاه المسلمين، وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى رغبة ترامب في ضمها لفريق الأمن القومي في البيت الأبيض. إسقاط القضية الفلسطينية من الاستراتيجية المقترحة يرجع إلى استحواذ الأمن، وليس السياسة على تفكير واهتمام اليمين عموماً وليس فقط معدي الاستراتيجية. فما دام الوضع تحت السيطرة في الضفة وغزة فليس ثمة حاجة للبحث عن حل لهذه المشكلة المعقدة، وهي وجهة النظر التي يتبنّاها العديد من الجمهوريين داخل الإدارة وخارجها. ويعتقد الخبيران كما هو شأن زملائهما في الإدارة أن الأولوية يجب أن تكون لثلاثة ملفات أساسية هي إيران والعراق وسوريا. الأولى هي الأهم والأخطر ولذلك استحوذت على ثلاث من أربع توصيات بالأولويات التي يجب أن تتصدى لها واشنطن. الأهداف الثلاثة هي منع إيران من تطوير قدرات عسكرية نووية، ومنعها من فرض هيمنتها على المنطقة، وتشجيع شعبها على الإطاحة بنظام الحكم. الأربعة أهداف الأخرى هي القضاء على «داعش»، تأمين خطوط الملاحة البحرية، الدفاع عن القواعد والتسهيلات الأمريكية، تأكيد دعم الأصدقاء والحلفاء بما في ذلك مساعدة الأقليات. لتحقيق هذه الأهداف يجب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران ووقف تعاونها العسكري مع كوريا الشمالية. أما العراق فلا يتحدث الخبيران من قريب أو بعيد عن تسوية سياسية. المطلوب فقط دحر «داعش». وليس من مصلحة أمريكا التورط في صراع طائفي مستمر منذ 1300 عام على حد قولهما. على الجبهة السورية التوصية الأولى هي رحيل الأسد مع احتفاظ العلويين بدمشق والشريط الساحلي، وإنشاء المناطق الآمنة التي اقترحها ترامب وهي ثلاثة، واحدة في المنطقة الكردية، والثانية على الحدود مع تركيا، والأخيرة على حدود الأردن. ولتحقيق ذلك يجب التفاوض مع روسيا لإبرام صفقة شاملة تتضمن سوريا وليبيا وأوكرانيا. ولا مانع من احتفاظها بقاعدتيها في طرطوس واللاذقية. لا تبعد هذه التصورات كثيراً عما قاله ترامب ومساعدوه في مناسبات عدة. وقد ينجح الرئيس بالفعل في تحقيق قدر من التهدئة. غير أن التاريخ يعلمنا أن الاكتفاء بإطفاء الحرائق واحتوائها دون حلول جذرية عادلة للصراعات لا يحقق السلام في النهاية. عاصم عبد الخالقassemka15@gmail.com