×
محافظة الحدود الشمالية

بلدية محافظة طريف تغلق١٣ محل وتصادر وتتلف ١١ طن ونصف من المواد الغذائية الفاسده

صورة الخبر

أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، أن مركز العدل ولجنة تفتيش ملفات الفساد المتعلقة بالمسؤولين الأمنيين اعتقلت جنرالا رفيعا في الجيش الوطني بتهم تتعلق بالفساد واللعب بميزانية «فيلق 215» المستقرة في ولاية هلمند المضطربة بالجنوب الأفغاني. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال، دولت وزيري: إن «الشخص المعتقل هو الجنرال محمد معين فقيري، الذي كان يتولى قيادة «فيلق 215» للجيش بالجنوب، واعتقل بناء على اتهامات وجهت إليه من قبل مركز العدل لمحاربة الفساد الذي أنشئ للقضاء على عمليات الفساد التي تنخر بمؤسسات وزارة الدفاع وباقي المؤسسات الحكومية، وذلك قبل عامين وبعد أن كثرت التقارير التي تتحدث عن تلاعب بالأموال تتورط فيه شخصيات أمنية رفيعة». وأرسل فقيري لتولي قيادة الفيلق 215 للجيش بهلمند مطلع عام 2016 بعد أن أصبح قائده السابق ضالعا في قضايا تتعلق بمدفوعات لجنود ليس لهم وجود على أرض الواقع، وبعد عام بالضبط يتورط القائد الجديد للفيلق في عمليات الفساد نفسها. وأشار هلال الدين هلال، وهو مساعد وزير الدفاع الأفغاني، في مؤتمر صحافي عقده في كابل بأن الوزارة سرحت ما يقارب 1400 من منتسبي الوزارة، بينهم جنرالات وضباط وموظفون لوجيستيون، إضافة إلى الفنيين، وذلك خلال عام 2016 بسبب الاشتباه في تورطهم في عمليات الفساد، مضيفا أن نحو 300 من هؤلاء يخضعون للتحقيق، وبعضهم أصدرت عليهم أحكام بالسجن لفترات متفاوتة، مؤكدا أن الحكومة لن تتهاون مع الأشخاص الذين يتورطون في قضايا الفساد، خصوصا في أجهزة الدولة الأمنية. ولم يتضح كم عدد الأفراد الذين يخضعون للتحقيق، وتم القبض عليهم. من ناحية أخرى، تمت إقالة نحو 1394 فردا، من بينهم بعض الجنرالات. ويتهم بعضهم بالفساد أو الإهمال في الواجب أو الفرار من وحداتهم. كما تشمل القضايا سوء استخدام السلطة والإهمال والسرقة وبيع أسلحة ومواد غذائية واختلاس رواتب الجنود. ومن بين أبرز المشتبه فيهم، قائد سابق في القوات الأفغانية، بإقليم هلمند جنوبي البلاد، وهو الجنرال معين فقير، الذي تم إلقاء القبض عليه يوم الاثنين الماضي. وندد وزير الاقتصاد الأفغاني عبد الستار مراد مؤخرا بالفساد المستمر في البلاد منذ قدوم القوات الأجنبية بأعداد كبيرة قبل 15 عاما، معتبرا أنه لا يزال من أسوأ أشكال الطغيان الذي تعرضت له البلاد. وكشف تصنيف لمنظمة «ترانسبيرنسي إنترناشيونال» غير الحكومية في تقريرها الأخير، عن أن البلاد انتقلت من المرتبة الـ176 إلى الـ169. وأضاف الوزير مراد إن «أفغانستان تقدمت سبع درجات، لكن تصنيفها لا يزال محرجا جدا، وذلك خلال مؤتمر صحافي لمنظمة (انتغريتي ووتش أفغانستان) التي تحاول منذ عام 2005 لفت الانتباه إلى الفساد ومحاربته». وأضاف مراد: «مع الأسف لم نتمكن من إصلاح المشكلة». ومضى يقول: إن «الأمن مشكلة كبرى، لكن الفساد أسوأ؛ لأنه يتيح لحركة طالبان التغلغل في كل مكان وتنفيذ هجماتها الانتحارية الفساد نوع من الطغيان». إلا أن مدير منظمة «انتغريتي ووتش أفغانستان» سيد أكرم أفضلي، ندد بعدم التزام الحكومة الأفغانية وتساهل الجهات الدولية الدائنة التي تغطي 70 في المائة من موازنة البلاد. وتابع سيد أكرم «خمس وزارات تبنت برامج لمكافحة الفساد وهي المالية والتجارة والصناعة والألغام والاتصالات والنقل. لكنها برامج من أدنى مستوى وكانت لمجرد الإعلان عن شيء بسيط فقط». وكانت الجهات المانحة من 75 دولة تعهدت في بروكسل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدفع 15.2 مليار دولار إلى أفغانستان بحلول عام 2020 وطالبته بمزيد من الشفافية. وذكر سيد أكرم «لقد أمهلوا الرئيس الأفغاني أشرف غني حتى عام 2017 لتبني استراتيجية فعلية ضد الفساد. بعدها بأربعة أشهر لم يتحرك شيء. لم نعد نسمع عن شيء. مرة أخرى اكتفت الحكومة بوضع إشارة على الورق». وكانت منظمة الشفافية الدولية نشرت تقريراً سنوياً صنّفت فيه دول العالم حسب نسب الفساد فيها، وتستند الإحصائيات إلى معدلات حرية الصحافة والشفافية المالية وسيادة القانون. وتحتل أفغانستان، استنادا إلى إحصائيات المنظمة، المركز الـ166 من أصل 188 دولة، ففي أفغانستان، يضطر ستة مواطنين من أصل عشرة إلى دفع رشى لتسهيل المعاملات الحكومية، وأشار الكثير منهم إلى انتشار الفساد واستفحاله في جميع هياكل الدولة وارتفاع نسبه في سنة 2010، مقارنة بما كانت عليه سنة 2007. وتجدر الإشارة إلى أن أسباب الفساد في أفغانستان متعددة، من بينها اندلاع الحروب وتفشي التخلف والفقر. هذا بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه القوات الدولية المنتشرة ومؤسسات أجنبية في تهيئة المناخ المناسب لتزايد الفساد وتفشيه في كل أركان الدولة، حسب محللين أفغان. وصرح مكتب المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان في تقرير نشره بعنوان «الدروس المستفادة»، بأن الولايات المتحدة لم تستخفّ فقط بحجم الفساد المستفحل في أفغانستان، بل زادت الوضع سوءا عبر منح مبالغ مالية طائلة لمتعاقدين غير خاضعين للمحاسبة ولحلفائهم المثيرين للريبة، وقد بادرت الولايات المتحدة بمحاربة الفساد بعد عقد من تفشي مظاهره ولم تقم على إثرها بأي محاولات أخرى جدية للإصلاح الجدي. وأشار المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، في التقرير نفسه، إلى أن الفساد في أفغانستان قد شهد تراجعاً إلى حدود سنة 2001، إلا أنه منذ ذلك الحين أصبح أكثر تفاقماً، وقال سوبكو في هذا السياق إنه نتج من محاولات تدخل الولايات المتحدة لإعادة إعمار أفغانستان تفشي فساد منظم في كل أجهزة الدولة من محاكم وجيش وشرطة، إضافة إلى الخدمات المصرفية وبقية القطاعات الحيوية الأخرى. لقد أصبح الفساد جزءاً لا يتجزأ من حياة الأفغان منذ سنة 2001، وانعكس ذلك من خلال تحول نظرة الأفغان لظاهرة الرشوة، حيث كانوا يعتبرونها عملاً مخزياً إلا أنه أصبح هناك اتفاق ضمني على أنها شر لا بد منه لحل مشكلاتهم اليومية، خصوصا في الإدارات الحكومية. كما أن الولايات المتحدة ضخت عشرات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأفغاني، معتمدة على انعدام الرقابة وعلى التعاقد مع جهات مشبوهة، فضلاً عن الشراكة مع أجهزة تابعة للدولة، حيث إن جلّهم متهمون بالفساد. وقد تعمق الفساد في أفغانستان عندما تعاملت واشنطن مع قادة حروب فاسدين، بحسب خير الدين بيان، المحلل السياسي الأفغاني، حيث يقول «قامت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (بتفريغ أكياس نقدية) في مكتب الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، وبالتالي فشلت الولايات المتحدة في معالجة الفساد في وقت مبكر كما عجزت عن دعم حكومة نزيهة وشفافة». وبحسب الخبراء، فإن مشكلة الفساد في أفغانستان متجذرة وعميقة، ولا يمكن لبرنامج واحد أن يجد لها حلاً، بل بالعكس إن محاولات الولايات المتحدة لمحاربة الفساد والتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان باءت بالفشل وأصبحت مكلفة للغاية. وكان المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان قد قدم في تقريره قائمة تتمثل في ستة دروس و16 توصية فيما يخص السياسة الخارجية الأميركية في تعاملها مع أفغانستان، استناداً إلى الأبحاث التي قام بها. هذه التوصيات القيّمة لم تجد صداها المتوقع، من بين هذه التوصيات ضرورة تقديم تكوين مهني للمقاولين والوكلاء الأجانب، ولكن الإجراء الضروري الآن هو إعادة تقييم جذري للسياسة العدوانية الخارجية الفاشلة التي أدت إلى خلق تلك العلاقات المشبوهة في المقام الأول. وتجدر الإشارة إلى أن المشكلة في أفغانستان لا تكمن في الفساد المنظم الذي دعمته الولايات المتحدة، بل في تدخلها في الشؤون الداخلية لأفغانستان، فإذا كنا نرغب في تجنب تكرار الأخطاء، يجب أن تخضع واشنطن إلى التدقيق، مثلها مثل كابول لتجنب مزيد من الفساد الإداري. واليوم، وبعد مضي أكثر من 15 عاما من الدعم الدولي ومنظمات أممية للنهوض بمؤسسات أفغانستان الرسمية والخاصة، إلا أن الفساد لم يتم القضاء عليه فحسب، بل زادت نسبته في جميع الدوائر الحكومية؛ مما يزيد الطين بلة ويصب ذلك في مصلحة الجماعات الإرهابية التي هي بالمرصاد للاستفادة من أي فشل يرتكب؛ وذلك لاستقطاب مزيد من التعاطف والدعم القبلي لها في مناطق التوتر بالذات. ففي الولايات الأفغانية التي ينعدم فيها الأمن والاستقرار، ولا تسيطر عليها الحكومة إلا على أجزاء بسيطة منها يلجأ الأفغان في حل مشكلاتهم إلى محاكم (طالبان)؛ لأنها أسرع ولا يدفعون الرشى. يقول زمان خان، وهو أفغاني من قرية شينواري بولاية بروان التي لا تبعد عن العاصمة إلا بضعة كيلومترات: إن محاكم طالبان اليوم أكثر نزاهة، وخالية من التزوير وعمليات الفساد مقارنة مع محاكم رسمية للحكومة، مضيفا أنه راجع قيادة طالبان في حل مشكلة نشبت بينه وبين رجل آخر في القرية على قطعة أرض كان يملكها ولم تستغرق العملية إلا يومين وحلت بين الطرفين، مشيرا إلى أنه لو راجع الحكومة لاستغرق الأمر سنوات، ولاضطر إلى دفع أكثر من ثمن قطعة الأرض للقضاء سبيلا للرشوة، وما يطلق عليه هنا (شيريني) ويعني ذلك (الهدية). وتتحدث المؤسسات العاملة في القضاء على الإرهاب بأن آلاف الملفات من عمليات الفساد والتزوير تتورط فيها شخصيات حكومية رفيعة، غير أن الحكومة ليس بمقدورها اتهام الأفراد الذين يتمتعون بالنفوذ والقوة، وغالبيتهم من لوردات الحرب السابقين لجرّهم إلى المحاكم، وتشير هذه المنظمات بأن آلاف المدارس وعشرات المناصب في المؤسسات الأمنية أو غير الأمنية توجد على الورق فقط، وتذهب الرواتب الشهرية إلى جيوب أشخاص يتقلدون مناصب رفيعة في الحكومة، مشيرة إلى أن الحكومة تفتقر إلى رؤية واضحة، وتغيب الإرادة السياسية في ملاحقة الفاسدين.