ـ يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عما يسميه تدرج رياضة البنات في الشام «بدأوا بالرياضة تعلمها معلمات للطالبات في باحة المدرسة ثم خرجوا بهن إلى الساحة المكشوفة التي يراها الجيران فلما رأونا سكتنا (أي الشيوخ) جعلوا لها ثياباً تكشف عن بعض الساق ونصف الذراع» إلى آخر ذلك الكلام الطويل عن الرياضة في الشام والعراق ومصر والذي ورد في كتابه ذكريات وفي غيره.. ـ برأيي أن هذا الكلام أعمق أثراً من أي فتوى تحرم رياضة البنات؛ لأنه يفترض المآل السيئ بشكل جماعي دون النظر إلى خصوصية كل مجتمع على حده كما يفعل الفقيه الحصيف، ولأنه وهذا هو الأخطر يقدم فكرته المفخخة في قالب أدبي ناعم يوصل رسالة الاحتراز والتحذير المبالغ فيهما بيسر وسهولة.. ـ هذا الكلام ومثله من أدبيات الرفض تحت ذريعة الاحتراز وسد الذرائع؛ مستقر في أدمغة الكثيرين من الذين يحرمون رياضة البنات هذه الأيام مع أن الفارق كبير بين المجتمعات التي تحدث عنها الشيخ رحمه الله، و بين ما يتحدث عنه هؤلاء الآن؛ كبير جداً.. ـ فهل الشيخ الطنطاوي هو الذي يدفع بالبعض حالياً إلى رفض رياضة البنات في المدارس بشروطها وضوابطها المعروفة؟ وهل ينطلقون من نفس المنطلق التحذيري أو الاحترازي لأنهم لا يريدون استنساخ الفكرة مع أن أحداً لم يقل إنها ستستنسخ بكل سقطاتها وويلاتها؟ ـ هل كان الشيخ فعلاً جزءاً من منظومة متكاملة لتمرير الكثير من الأفكار الإخوانية المتطرفة عن طريق الأدب والثقافة التي ندفع ثمن السماح بتمريرها الآن؟ أظن أن محبي الشيخ والباحثين في أدبه يحتاجون إلى إعادة قراءته بتجرد، ومحاولة تقديم الصورة بكل أبعادها المختلفة، وليس فقط الإعجاب والثناء المبالغ فيهما كما جرت العادة.. ـ أخيراً أؤكد أنني من أشد المعجبين بالشيخ وقرأت كتبه ومقالاته كلها تقريباً؛ إلا أن بعض الباحثين يؤكدون أن الشيخ علي كان إخوانياً/ تنظيمياً صرفاً وله الكثير من الآراء الصادمة والموغلة في التطرف لمن أراد القراءة بتجرد؛ إن كان ذلك صحيحاً فكيف تسحب كتب الإخوان وتترك كتب الطنطاوي مع ما فيها؟ أليست المدرسة واحدة؟.. رجاء نريد أن نفهم فقط!!