إعداد: محمد فتحيلم يعد برج إيفل مجرد أيقونة فرنسية سياحية ومعمارية فريدة منذ القرن التاسع عشر، بل أصبح يهيم في دنيا الأساطير الرومانسية ليصبح مقصداً لكل عشاق الفن والجمال والكلاسيكية. ففي مثل هذا اليوم، وقبل 128 سنة كان الإعلان الرسمي لافتتاح برج إيفل في موقعه الشهير أقصى الشمال الغربي لحديقة شامب- دي- مارس، بالقرب من نهر السين وسط باريس، ليصبح منذ عام 1889 محط أنظار العالم أجمعه وعلامة خالدة لعاصمة النور ليتوج على عرش الأيقونات السياحية العالمية ويستقبل أكثر من ستة ملايين زائر سنوياً. فمن أعلى البرج يمكن مشاهدة باريس في صورة بانورامية رائعة، أما من خلال مطعميه فيمكن تناول وجبة طعام شهية، وليلاً مشاهدة أضواء ومعالم مدينة باريس الخلابة. منذ بنائه، ظل برج إيفل يحمل لقب أطول مبنى في العالم، ولكن فقط حتى عام 1930 الذي شهد بناء مبنى كرايسلر في مدينة نيويورك الأمريكية، ولكنه لم يفقد أبداً أهميته ورمزيته البالغة، وأقدمت أكثر من دولة على بناء نُسخ مصغرة له مثل لاس فيجاس، والصين، ورومانيا، وبلغاريا. يمثل برج إيفل طرازاً معمارياً فريداً من نوعه، فقد صمّمه المعماري الفرنسي «غوستاف إيفل» واستمر العمل فيه طوال 26 شهراً ليكون واجهة باريسية بطول 324 متراً، وبوابة تليق بها في المعرض الدولي في باريس في عام 1889م والذي كان يوافق الذكرى المئوية للثورة الفرنسية. وتعتبر فترة ال 26 شهراً لبناء البرج قياسية بالنسبة للأدوات المتاحة في ذلك الوقت، وتميز هذا البناء الجميل بالدقة والضخامة ويرتكز على أربعة أعمدة، إضافة إلى القاعدة، ويتكون البرج من 18038 قطعة الحديد وملايين المسامير، ويوجد به 1,665 درجة سلالم، ووزنه الإجمالي يصل إلى نحو 10,000 طن. ولم يكن تصنيع وتجميع قطع الحديد هائلة العدد تلك بشكل عشوائي، ولكن سبق وأجرى نحو 50 مهندساً لمدة عامين 5300 رسم لكل جزء، كما أن كل قطعة حديدية لها تصميمها الوصفي وقياس خاص وأبعاد معينة.وشهد البرج المحاولات الأولى لاستخدامه في البث الإذاعي في عام 1906 ودخل الخدمة فعلياً في عام 1920، وكذلك شهد البرج المحاولات الأولى لاستخدامه في البث التلفزيوني من 1921 إلى 1935، ولكن هذه الخدمة بدأت فعليا عام 1957. وأصبح البرج وجهة للعلماء والمبتكرين والمهندسين والباحثين ليستخدموه في إجراء التجارب المختلفة سواء كانت متعلقة بالطقس أو سقوط الأجسام الحرة من الأعلى أو الرصد وغيرها من الاستخدامات، وتم بناء نفق هواء من أجل القيام ببعض الأبحاث العلمية في عام 1909، كما أنه شهد مغامرات مميتة، ففي عام 1912 قفز الخياط الفرنسي من أعلى البرج لاختبار مظلة هبوط ابتكرها، ولكن لقى حتفه أمام أعين الآلاف.كانت المرة الوحيدة التي يتعرض لها برج إيفل للتخريب على أيدي الفرنسيين أنفسهم، حينما أقدموا على تخريب مصاعد البرج قبل وقوع باريس في أيدي الألمان في الحرب العالمية الثانية، وذلك لمنعهم من الاستمتاع بواحد من أشهر المعالم العالمية ورمز فرنسا كلها، ولكن هتلر تسلقه على قدميه، وقبيل انتهاء الحرب عام 1944، وتحرير فرنسا من النازية، تم إصلاح المصاعد وسُمح لجنود الحلفاء باعتلاء قمته.