الكاتب والروائي التونسي يمثل جزءا من رأس المال الثقافي الوطني وبصمته في حركة الرواية التونسية لا ينكرها أحد.العرب [نُشر في 2017/03/29، العدد: 10586، ص(14)]كتابات خريّف استهدفت الكائن المواطني الحي تونس - انتظم مؤخرا بفضاء قصر المعارض بالكرم وضمن الأنشطة الثقافية لمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته الـ33 التي تستمر إلى غاية الثاني من أبريل القادم، لقاء حواري حول الكاتب والروائي التونسي البشير خريف، تزامنا مع ذكرى ميلاده المئة، والتي من المنتظر أن تكون محور احتفالية ثقافية وطنية كبرى خلال الشهر القادم. في هذا اللقاء الذي نشطه الأكاديمي العادل خضر وحضره عدد هام من الأدباء والكتاب والأكاديميين التونسيين تحدث الباحث فوزي الزمرلي عن نشأة خريف، وكيف تضافرت عدة عوامل اجتماعية وثقافية، حيث عاش متنقلا بين نفطة والعاصمة، ودرس في أكثر من مدرسة تونسية، لنحت شخصيته المتفردة، المتشبعة بقيم الانتماء إلى جهته نفطة، وحرصه على إبراز خصوصياتها الثقافية والحضارية والتاريخية في العديد من أعماله، وهي أيضا شخصية مفعمة بروح وطنية عالية وبغيرة شديدة على تونس. وأشار الباحث إلى أن تجربة خريف الروائية والقصصية كانت تواصلا مع خط سردي برع فيه خاصة علي الدوعاجي، وأن كل كتاباته تقريبا استهدفت “التونسي”، هذا “الكائن المواطني الحي” الذي مر في تلك الفترة بمتغيرات عديدة ومركبة مستشهدا بعبارة كتبها في تقديمه لإحدى رواياته “يا ابن بلدي، إليك أكتب”. كما كتب البشير خريف للمرأة وانتصر لقضاياها مستحضرا شخصية “العتراء” في رواية “الدقلة في عراجينها”. وأوضح الزمرلي أن خريف كان من رواد النزعة التجريبية في الأدب التونسي، وهي النزعة التي لم تتطور كثيرا بل تلاشت تدريجيا لتفسح المجال أمام العودة القوية للكتابة التقليدية، مبينا أن هذا الأديب كان لا يؤمن بالوحدة العربية لاعتبارات عديدة وفق نظره منها وجود الكثير من المشاكل الداخلية التي وصلت إلى حد الخلافات العميقة بل إلى حد التقاتل، مشيرا إلى أن خريف يرى أن الرابط الإسلامي أقوى من الرابط العروبي، وهو أقدر على مجابهة المد الغربي. الإعلامي عبدالكريم قابوس تحدث، من جانبه، عن التداخل بين كتابات البشير خريف والسينما وكيف أن بعض الأعمال التونسية المقتبسة من رواياته أساءت لكتاباته، من ذلك فيلم “خليفة الأقرع” و”برق الليل”، إذ شوّهت معاني ودلالات الروايات الأصلية. وتساءل كيف لرواية ممتازة جدا مثل “الدقلة في عراجينها” ألا يتم تحويلها إلى فيلم أو مسلسل تلفزي، داعيا في هذا المجال إلى التفكير بجدية في طبع الأعمال الكاملة للبشير خريف بمناسبة مئويته. وذكر الناقد مصطفى الكيلاني أن البشير خريف يمثل جزءا من رأس المال الثقافي الوطني وبصمته في حركة الرواية التونسية لا ينكرها أحد، مشيرا إلى أن خريف برز ضمن سياق إبداعي انتصر للدولة الوطنية (علي الدوعاجي، محمد العروسي المطوي، محمد صالح الجابري…) وهو ظاهرة إبداعية في سياقها التاريخي. ولاحظ الناقد أن قراءة الكاتب توفيق بكار لأعمال البشير خريف هي الأكثر عمقا على الإطلاق، ذلك أن بعض الدراسات الأدبية لأعمال خريف في فترات تاريخية ما أسقطت عن الرجل بعض مواقفه الوطنية، وحاولت التشويش على كتاباته وارتباطها بقضايا البلاد الحضارية والثقافية.