أكد مختصون على أن الأيام العالمية الصحية وأيام "اليونسكو" و"اليونسيف" وكذلك أيام الأمم المتحدة تمر على المملكة دون مظاهر احتفالية لائقة بالمناسبة، مرجعين السبب إلى ضعف الثقافة بأهمية تلك الأيام لدى جهات حكومية وخاصة بالمملكة، مما يطرح السؤال: هل لدينا أزمة ثقة مع الاحتفالات والفعاليات العالمية؟، على الرغم أن الكل في العالم يحاول تقديم ما يليق بهذه الأيام العالمية، سواء في المجال الصحي أو الإنساني أو الاجتماعي أو المعرفي. وتحتفي الأسرة الدولية بمنجزات وبرامج توعية تختص بالأيام العالمية المختلفة، ونحن لا يرتقى احتفاؤنا إلاّ للمناسبات التي تتعلق بمجتمعنا فقط، في ظل غياب المختصين وباجتهادات فردية. ولتعزيز منافع الأيام العالمية لابد من تأصيل الثقافة في المجتمع والقطاع الحكومي، وكذلك نشرها في المدارس والأسواق التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى وضع شعارات واضحة في جميع الطرق والأماكن العامة لتصل المعلومة ويستفيد منها الجميع، فالحاصل هو قلة الترويج الدعائي سواء في القنوات التلفزيونية أو الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلانات في الأماكن العامة. غياب الأجندة وقال "د. صالح الرشيد" -عميد كلية الدراسات التطبيقية في كلية المجتمع-: إن من الأسباب التي تجعل الفائدة من تلك الأيام ضعيفاً هو أنها تأتي في وقت قصير ومحدد، إلى جانب أن كثيرًا من الجهات ليس لديها أجندة واضحة للعمل، فتأتي تلك الأيام مفاجئة، فتعمل كيفما اتفقت، ثم تُهدر الجهود والموارد المالية، وأخيراً يأتي الأداء بغير فعالية وقناعة، وإنما من باب الواجب والخوف من المساءلة والتقصير. ورأى المثقف "محمد العباس" المشاركة في هذه الأيام جيد إلاّ أن المحتوى المقدم ضعيف، مضيفاً أن كثيرًا من الجهات تعمل الفعاليات وتقدّم ما يناسبها من احتفالات أو مشاركات إلاّ أن الرسالة لم تصل، كذلك فهم الأهداف محدود من باب الأداء، مشيراً نحتاج إلى تفاعل المجتمع في المدارس والأسواق التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي إلى أن هناك ضعف في التقريب بين وجهات النظر بمشاركة المجتمع، مؤكداً على أن الأهداف والخطوط العريضة لا تزال غائبة وفهم الفحوى غائب وتمر دون تجذير. مشاركة خجولة وأوضح "فؤاد نصر الله" -مختص اجتماعي- أن إثارة هذا الموضوع بحد ذاته أمر جيد ومنطقي؛ لأنه يفتح أبواب النقد للذات، ويبقي الأبواب مشرعة في المواضيع التي تتعلق بالأيام التي تهمنا في المقام الأول، مضيفاً أن جلد الذات هو عقبة في تحقيق الكمال نحو التطلع إلى المزيد من الفعاليات، مبيناً أن مشاركاتنا في الأيام العالمية جيد ولا يرتقى إلى أكثر من المناسبات التي تتعلق بمجتمعنا فقط، والتي تتناسب مع ثوابتنا الاجتماعية أو مصلحتنا كمجتمع، ذاكراً أن بعض الأيام ليس لها علاقة بنا كمجتمع فتأتي مشاركتنا خجولة، متمنياً المزيد من التفاعل، وكذلك تعزيز دور الوطن، وأن يكون لدينا ثقل، وأن لا نكون كمشاركين فقط، بل لابد أن يتعدى ذلك تحقيق المكاسب التي تعود على المجتمع بالخير. قطاع خاص وأكد "فؤاد نصرالله" على أنه لتعزيز تلك الأيام ومنافعها لابد أن ننطلق من الثقافة الأولى، وأن نغرسها لدى النشء، إلى جانب تعزيز دور المرأة، فهي محرك أساسي في غرس مفهوم الثقافة والمشاركة اليومية والتي تتعلق بهويتنا الحضارية. وعن غياب الدعم المادي شدّد على أن الدولة تتحمل العبء الأكبر في تنفيذ تلك الفعاليات، وكأنها حكر على الوزارات، والتي من المفترض أن تتفرغ لأعمالها الخاصة بها وليس تنفيذ برامج وفعاليات تتعلق بالأيام العالمية التي من المفترض أن تؤديها جمعيات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام، متمنياً مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ تلك البرامج المتعلقة بالأيام العالمية من باب المشاركة في المسؤولية الاجتماعية، على أن يعود ذلك عليها بالنفع والمردود الايجابي. عزلة طويلة وتحدث "محمد الفوز" -شاعر- قائلاً: الأيام العالمية ليست مطلباً دولياً فحسب، لكنها ضرورة لمدى التغيير الذي تفرضه الأمم المتحدة عبر "اليونسكو"، لذلك من الجميل أن نفتح نافذة على العالم ونشترك في صناعة حدث يليق بدلاً من العزلة الطويلة التي قضت على مستقبلنا، وبات الجيل متخبطاً لا يستوعب آماله، ولا يرتقي سُلماً لطموحه إلاّ تعثر في الخطوة الأولى نتيجة عدم الخبرة التي تضعه على حافة الغد، مضيفاً: "ربما لا نسمع كثيراً ولا يتردد على مسامعنا شيء من الأحداث أو الفعاليات التي تخص هذه الأيام العالمية، وهذا العزوف الإعلامي لا يعني أن ليس لدينا أنشطة، أو لا نشترك مع العالم في أحداثه ووقائعه، ولكنها خيبة كبرى أن نحتفي في العتمة، كمن يؤدي طقوساً ممنوعة أو يخشى الاقتراب من شعلة الضوء، العالم ليس قارات عدة، ولا شعوباً متفرقة، بل العالم هو قطرة ضوء تسيل على خدّ الشاشة، ولا يمحوها إلا كيبورد يُعبّر عنا، ولا يترك أيّ مسافة فارغة للبوح، لذلك مهمتنا مصيرية وأقدارنا مستحيلة ما لم نقترب من الآخر". مجهودات قليلة وأوضح "الفوز" أن لدينا ما يُشكّل حراكاً حقيقياً في الأيام العالمية، لكن المجهودات قليلة، وما نطلبه كبير، والتعب على المؤسسات الرسمية أكبر، حيثُ أن المرئيات التي تقدمها مثالية، في المقابل لا توجد ميزانية مرصودة لهذا العالم، لذلك هذه الأيام العالمية تشكل عبئاً حقيقياً؛ لأنها غير مدرجة في نشاطٍ خاص، مع أن المأمول أن تكون ذات قيمة رفيعة المستوى، مضيفاً أن هناك إجحافاً في بعض الأيام العالمية مقابل أيام أخرى، فمثلاً يحظى يوم اللغة العربية باهتمام منقطع النظير في وزارة التربية والتعليم، بينما يوم المعلم يمرُّ مرور الكرام، وهنا لا أقلل من شأن فعاليةٍ دون أخرى، بل يجب أن تكون الفعاليات العالمية وطنية بامتياز، لافتاً إلى أنه هنا تكمن أهميتنا لدى الآخر وأهمية الآخر لدينا، إلى جانب تعزيز التواصل مؤكداً على أن إقامة فعاليات مشتركة مع شعوبٍ أجنبية ستُلقى بظلالها على مستقبلنا المشرق، كما ستمحو عن تاريخنا ما تراكم من غبار النسيان. دور الجامعات وحمّل "د. عبدالعزيز المطوع" -مستشار اجتماعي- ضعف ثقافة الإعداد إلى غياب المشاركات بالشكل الذي يليق والذي يعود بالنفع على المجتمع، وترسيخ صورة ذهنية لدى المستفيدين من هذه المشاركات، إلى جانب غياب ثقافة الاختصاص، فالقائمون على كثير من هذه الفعاليات غير متخصصين، مما يؤثر على تنفيذ تلك البرامج والفعاليات في مثل هذه الأيام، إلى جانب غياب دور الجامعات عبر كليات خدمة المجتمع، مشاركاً "فؤاد نصرالله" الرأي بأن المفترض عمل هذه الفعاليات والأنشطة عبر مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام وليس الوزارات؛ لأن كثيرًا من الفعاليات قد تتعارض مع أهداف الوزارات وتضيع بفعل الروتين، مبيناً أنه يفترض أن تكون هذه الأيام احتفالاً بالانجازات، مطالباً بوضع خطة لقطف الثمرة من الوزارات. إرشاد ووعي وعزا "م. خالد فهد الذوادي" -مستشار في تقنية المعلومات والتسويق الإلكتروني- ضعف المشاركة في الأيام العالمية بسبب الثقافة داخل المجتمع، مطالباً بتأصيل هذه الثقافة في المدرسة والقطاع الحكومي من ناحية إرشاد ووعي، فهناك يوم للتوحد ويوم للسكري ويوم الأرض ويوم لسرطان الثدي والسرطان بصفة عامة، مبيناً أن هذه الأيام من شأنها رفع مستوى الوعي، وكذلك دفع عجلة الثقافة الصحية والبيئية، مُشدداً على أهمية تخصص محاضرة لمدة (45) دقيقة تكون محاضرة مرئية معززة ببرنامج مشمول من الصوتيات والمرئيات في المدارس، وكذلك تعزيز هذه الثقافة في الأسواق التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تختص بالمملكة، إضافةً إلى وضع شعارات واضحة في جميع الطرق والأماكن العامة لتصل المعلومة ويستفيد منها الجميع، وأيضاً لا ننسي ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي أصبح من الواجب طرح تلك الأفكار وأصبح توجهًا عالميًا. وأرجعت أمل الهاجري -مصورة إعلامية- أسباب الضعف الى ندرة الدعم من القطاعين الخاص والحكومي، إضافةً إلى قلة الترويج الدعائي سواء في القنوات التلفزيونية أو الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلانات الخارجية في الأماكن العامة، مطالبةً بزيادة الدعم حتى تظهر مشاركتنا بشكل يليق بمكانة المملكة دولياً.