مشروع الاندماج لا ينسجم مع مشروع اللجوء. ما يبحث عنه اللاجئ لا يشغل أذهان القائمين على شؤون الاندماج. وهو ما يجعل الأمور تسير في طريق مسدودة. فمن الصعب على سبيل المثال طرد ومحو عنصر الشفقة من خيال موظفي الهجرة وهم يدركون أن وظيفتهم انقاذية بالدرجة الأساس. في المقابل فإن اللاجئ وهو كائن ضعيف يرى في كل محاولة للانتقال به من حالته الثقافية إلى حالة ثقافية أخرى هي خطوة لاستضعافه والتعامل معه باعتباره فأر تجارب. وهو ما يؤدي بالضرورة إلى وقوع سوء فهم، من النوع الذي يقفل أبواب الحوار أو يسمه بطابع منافق. الاندماج هو عملية صهر ثقافي وإن اتخذت تلك العملية طابعا اجتماعيا. هناك أكثر من مليون مغربي في هولندا، ينتسب البعض منهم إلى الجيل الثالث من المهاجرين. ومع ذلك فإنهم يعيشون باعتبارهم جالية مغربية في هولندا وليس مواطنين هولنديين كما تنص على ذلك الوثائق التي يحملونها. لقد راهن اردوغان في حملته على أوروبا على الجالية التركية في المانيا ولم يكن هناك ذكر في خطابه لمواطنين المان من أصول تركية. ما أكد عليه اردوغان كانت الجماعات الدينية المتشددة قد سبقته إليه. وهو ما صارت أوروبا تعي ما ينطوي عليه من أخطار. لقد استفادت تلك الجماعات من الفراغ الذي أحدثه فشل برامج الاندماج حين قررت أن تعزز وسائل العزل فضربت بأفكارها المعادية لنمط الحياة الغربية طوقا عقائديا على الشباب الذي لم يجد في برامج الاندماج ما يفتح الأبواب أمامه لكي يكون عنصرا إيجابيا فاعلا في المجتمع الجديد الذي اكتفى بضمان حقه في العيش الحر الكريم، من غير شعور بالذعر. ليس غريبا والحالة هذه أن يقع الشباب المهاجر في مصيدة التطرف الذي اتخذ طابعا دينيا. واحد من أهم أسباب ذلك الجفاء شعور أولئك الشباب بأن الاقتلاع الذي عانوا منه بسبب لجوئهم ولم تتم معالجته عن طريق الاندماج الحقيقي بالمجتمعات الجديدة ستتم معالجته عن طريق العودة إلى حياة عقائدية يغلب عليها طابع الافتراض. ما يحدث الآن من علو لصوت التطرف بين اللاجئين هو العنوان الأبرز لفشل برامج الاندماج التي لم تعزز كرم المواطنة بالثقة الإيجابية التي يحتاجها المواطن الجديد. فاروق يوسف