نيويورك - أعرب مجلس الأمن الدولي الخميس عن قلقه العميق إزاء انتشار المجاعة وتدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، فيما طرحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا مجددا إمكانية فرض عقوبات وحظر على الأسلحة المتجهة إليه. وحذرت واشنطن حكومة جنوب السودان الخميس من أن منع عمال الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى مناطق من الدولة التي تمزقها الحرب وتعاني من المجاعة قد "يماثل أساليب التجويع المتعمد". وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال الاجتماع إن "كل التفاؤل الذي صاحب ولادة جنوب السودان زال بفعل الانقسامات الداخلية والخصومات والسلوك غير المسؤول لبعض قادته". وأضاف أنه على الرغم من دق الأمم المتحدة والأسرة الدولية ناقوس الخطر "لم تعرب الحكومة بعد عن قلق حقيقي ولا اتخذت أي إجراء ملموس في مواجهة الوضع الذي يعانيه سكانها"، وأدان "رفض القادة الإقرار بوجود أزمة وتحمل مسؤولياتهم لإنهائها". ومع شعور عام بالقلق إزاء استمرار المعارك والفظائع واستفحال الوضع الإنساني لم تتضح بعد السبل المتاحة أمام مجلس الأمن الدولي لدفع قوات الرئيس سلفا كير ومتمردي نائبه السابق رياك مشار إلى وقف إطلاق النار واستئناف الحوار وفقا لاتفاق السلام الموقع في 2015. وبعد أن اقترحت الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر فرض حظر على الأسلحة وعقوبات على بعض قادة جنوب السودان عادت وطرحت هذه الخيارات الخميس تدعمها فرنسا وبريطانيا. وقالت المندوبة الأميركية ميشال سيسون "ما يحدث في جنوب السودان مشين. تلقينا إنذارا تلو الآخر حول ارتكاب فظائع جديدة جماعية (...) في كانون الأول/ديسمبر، قال بعض الزملاء في مجلس الأمن أن مثل هذه الضغوط ستعطي نتيجة عكسية لأنها ستعطل العملية السياسية. ولكن لم يحرز أي تقدم منذ كانون الأول/ديسمبر وتدهور الوضع"، معبرة في ما يبدو عن الموقف الذي اتخذته إدارة أوباما. وأضافت أن العقبات التي تضعها حكومة سلفا كير في وجه عمل منظمات الإغاثة في المناطق انتشار المجاعة تصل الى مستوى "التجويع المتعمد للسكان". وقالت ميشيل سيسون نائبة سفيرة أميركا بالأمم المتحدة أمام مجلس الأمن "المجاعة ليست نتيجة الجفاف. إنها نتيجة الزعماء الذين يهتمون بالسلطة السياسية والمكاسب الشخصية أكثر من اهتمامهم بوقف العنف وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية". وأضافت "استمرار الحكومة في وضع عراقيل جائرة أمام عمال الإغاثة الإنسانية الساعين للوصول إلى السكان الذين يعانون من المجاعة يماثل أساليب التجويع المتعمد". ولم يتفق نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة بيتر إليتشيف وقال إن المجاعة "ليست مرتبطة فحسب بمشكلات الأمن بل أيضا بأحوال الطقس القاسي". عقوبات وحظر طرحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا مجددا إمكانية فرض عقوبات وحظر على الأسلحة المتجهة إليه. وأيد وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون الذي ترأس مناقشات نيويورك فرض حظر على الأسلحة وقال إنه سيطلب من مجلس الأمن بحث الأمر مجددا. من جانبها اعتبرت سيسون أن "الحظر على الأسلحة من بين الأدوات التي يمكن لمجلس الأمن استخدامها ردا على أعمال العنف"، مذكرة بان المجلس يمكن أن يتبنى عقوبات ضد المسؤولين عن هذه السياسات. وفشل مشروع قرار يتضمن فرض حظر على الأسلحة وعقوبات ضد بعض قادة جنوب السودان في نهاية 2016 اذ امتنعت روسيا والصين واليابان وماليزيا وفنزويلا وأنغولا ومصر والسنغال عن التصويت. وفي ديسمبر/كانون الأول أخفق المجلس في تبني مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لفرض حظر على الأسلحة وعقوبات أخرى على جنوب السودان رغم تحذيرات مسؤولي المنظمة الدولية من احتمال حدوث إبادة جماعية، وأوصى المراقبون الدوليون مجددا مجلس الأمن في التقرير بفرض حظر على السلاح. وأعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق عن انتشار المجاعة في بعض أجزاء من جنوب السودان حيث يواجه نصف السكان تقريبا، نحو 5.5 مليون شخص، مشكلة نقص الغذاء. لكن الدولة رفعت في الآونة الأخيرة رسوم تصاريح العمل لمئة ضعف بالنسبة لعمال الإغاثة الأجانب لتصل إلى 10 آلاف دولار. وقتل عشرات الآلاف في الحرب الأهلية التي اندلعت في جنوب السودان في نهاية 2013 رغم نشر نحو 12 ألف من جنود حفظ السلام. واندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان عام 2013 بعدما أقال الرئيس سلفا كير وهو من قبيلة الدنكا نائبه ريك مشار المنتمي لقبيلة النوير، والذي فر من البلاد ويعيش الآن في جنوب أفريقيا. وأدت المعارك إلى تشريد نحو ثلاثة ملايين شخص فر نصفهم الى البلدان المجاورة ولا سيما الى أوغندا. ولجأ أكثر من 220 ألف شخص إلى معسكرات الأمم المتحدة.