صحيفة وصف : أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، أن الثبات وملازمة الاستقامة على الدين موضوع يحتاجه كل مسلم كما تحتاجه جميع الأمة في كل حين وآن، وفي كل زمان ومكان، والحاجة إليها في أوقات الفتن أشد، وفي حال العوادي والمحن أعظم، وهي كنز عظيم مَن وُفّق لكسبه، وأحسن توظيفه، وأنفق فيها فقد غَنِمَ وسَلِم، ومَن حُرِم منها فقد حرم.وقال في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام: المؤمنون وهم يتعرضون لأنواع الابتلاءات ويقابلون المواجهات مع أعداء الله؛ أحوج ما يكونون إلى هذا الكنز العظيم؛ فالصراع بين الحق والباطل والخير والشر قائم في هذه الدنيا؛ فالثبات وملازمة الاستقامة على الدين الحق ولزوم التقوى والصراط المستقيم من غير عوج ولا انحراف، واجتناب صوارف الشيطان والهوى ونوازع النفس، مع مداومة الأوبة التوبة والاستغفار؛ هو الانتصار، والانتصار هو الثبات، والثبات فوز. ونصر كبير حين تعلو النفوس على الخوف والتردد، وتتسامى على نوازع النفس والشهوة، وإرجاف المرجفين.وأضاف: مَن عَجِزَ عن نفسه فهو عما سواها أعجز، ومن أحكمها فهو على غيرها أحكم، وثبات القلب أصل ثبات القدم، والثبات والتثبيت يكون للقلب، والنفس، والعقل، واللسان، والأقدام، في الحياة الدنيا وعند الممات، وفي القبر والبرزخ والآخرة، وفي يوم القيامة وعلى الصراط، ويكون الثبات على الدين، والطاعة، والحق، الحجة، ومواطن القتال، كما يكون الثبات في فتن الشبهات، والشهوات، والمصائب والجاه، والمناصب، والمال، والأولاد؛ فهم المجبنة، المبخلة، المحزنة، ويكون الثبات في فتنة الظلم والاجتهاد، والطغيان، وفتن إقبال الدنيا، وإدبارها، والاستيحاش من الاستقامة، وتولي النعم على المقصرين، والرغبة في المتاع، والسلطان، والدعة، والاطمئنان.وأردف: الثبات يكون في فتنة النظر في أحوال ضعف الأمة وتفرقها، وإساءة الظن بأحوال الصالحين، ومواقف أهل العلم، والخير، والصلاح.وأشار إلى أن من أعظم الآفات القابليةُ للإرجاف والهزات؛ وكأن المسلم لا يحمل ديناً حقاً، مستقيماً كله ثوابت تنفي الزيف، وتحفظ النافع الزاكي، وأنه ليس أشد على نفس المؤمن من السماع للباطل المتقلب بين الأقوال، والآراء، ينسى الحق الذي عرفه مقابل شبهة مرجفة بثها عدو، أو كلمة أطلقها مغرض، أو صورة بثها متصيد؛ فكم من كلمة قيلت، أو حديث نشر؛ فأقام وأقعد، وأحدث في الناس اضطراباً، وأشاع بلبلات في همزة مفتاح حاسوب، أو زر جهاز جوال.وقال “بن حميد”: مَن أُيّد بالعزم والثبات؛ فقد أُيّد بالمعونة والتوفيق، وقد قال أهل الحكمة: “إن آفة الثبات الفوت”؛ فمتى اقترن الثبات بالحزم والعزم نجا صاحبه بإذن الله، وتم له أمره. وأنه لا بد من استشعار نعمة الإسلام؛ بل نعمة الاصطفاء، وأن هذا الطريق قديم عتيق.وأضاف: الثبات نعمة من الله عظيمة يهبها لعبده؛ فلا يزل في مواطن الزلل ومواطن الشهوات والشبه؛ فمن مَسّه ضر في فتنة، أو ناله بأساء في ابتلاء؛ فليثبت، وليستيقن رحمة الله وعونه، وليثق بكشف الضراء وإيمانه بالعوض والجزاء. (0)