×
محافظة المنطقة الشرقية

المنافسون في كأس دبي العالمي

صورة الخبر

سوف أبدأ مقالي هذا باقتباسين: حكمة وطرفة. أما الحكمة فهي مقولة جون كيندي الرئيس الأميركي الأسبق عندما قال: «كُتب الموت على الإنسان، كما أن الأمم تنهض وتنهار، ولكن تبقى الأفكار لفترات أطول، لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار أن القرارات الاقتصادية قد يمتد تأثيرها لأجيال كثيرة». وأما الطرفة فهي لألبرت آينشتاين عندما قال إن «النظرية هي أن تعرف كل شيء، ولكن ما تعلمه غير قابل للتنفيذ، وإن التجربة هي أن يكون كل شيء قابلا للتنفيذ، ولكن لا أحد يعلم لماذا... وعندما تدمج النظرية مع التجربة تكون النتيجة: أنه لا شيء قابلا للتنفيذ... ولا أحد يعلم لماذا!». تذكرت ما سبق عندما يتساءل كثير ممن أعرفهم عن «رؤية 2030»، وقابليتها للتطبيق، فهل مثلاً بيع الأصول وفرض ضرائب مختلفة هو الحل؟ وهل هذا أصلاً ممكن قبل إصلاح التعليم وخلق الوظائف وإيجاد حلول جذرية لسكن المواطنين؟ وبما أن كل تحد مرتبط بالآخر إلى درجة كبيرة، فهل من الممكن مواجهة هذه التحديات مجتمعة، على الأقل للمحافظة على تماسك المجتمع؟ وهل من الممكن الاستفادة من تجارب الدول الناجحة التي سبقتنا في عملية التحول الاقتصادي؟ هذه أسئلة مهمة ولكن السؤال الأهم: كيف لبلد أن يسرع النمو الاقتصادي، ويكّون الثروة لينقل اقتصادا يعتمد على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد صناعي؟ وما هي الدروس المستفادة من تجارب الدول التي حققت نجاحات في تطوير وتنمية اقتصادها وزيادة دخل مواطنيها؟ فيما يلي 10 مسلمات في موضوع التنمية الاقتصادية لا بد من أخذها في الاعتبار في أي خطة تحول اقتصادية طويلة الأمد وهي مهمة لدى محاولتنا للتفكير في نتائج وكيفية تطبيق «رؤية 2030»: أولاً: النمو الاقتصادي السريع، هو نمو لا يقل عن 7 % سنويا، ولمدة ثلاثين سنة متتابعة، نمو يؤدي إلى مضاعفة حجم الاقتصاد في كل عقد، هذا هو ما تحقق لاقتصادات دول مثل اليابان أولا، ثم النمور الآسيوية الأربعة (تايوان، سنغافورة، كوريا الجنوبية وهونغ كونغ)، ثم الصين والتي حققت معدلات نمو مرتفعة لثلاثة عقود. ثانياً: هذا الجهد لا يحدث مصادفة، بل يتطلب التزاما طويل الأمد، كما أن هذا الالتزام يجب أن يكون مقرونا بالصبر والمثابرة، لأن النتائج لا يمكن تقديرها بثمن، فمن الممكن، كما هو واقع وحقيقي في التجارب الآسيوية الناجحة، أن يكون راتب الخريج الجامعي السعودي الجديد ما يعادل 40 ألف ريال، أو بمعنى آخر عشرة أضعاف راتبه الحالي. ثالثاً: يجب معرفة أن النمو الاقتصادي السريع والمستمر لفترات طويلة، أو ما يسمى «المعجزة الاقتصادية»، ليست حكراً على دول بعينها، بل قابلة للتنفيذ حتى لدول لا تملك من الموارد الطبيعية إلا القليل، وما دول مثل اليابان وكوريا وسنغافورة عنا ببعيد، ولكن الأهم هو التشغيل الأمثل للعوامل الإنتاجية الأربعة (المال، والعنصر البشري، والأرض، والآلات) بطريقة تستغل الميزة التنافسية للاقتصاد السعودي. رابعاً: بدلا من التركيز على قطاع معين، يجب وضع سياسات تنهض بالاقتصاد، وتدفع الإنسان إلى التغيير، بل تجعله أداة وجزءا لا يتجزأ من هذا التغيير، لسبب رئيسي هو أن التغيير لمصلحة المواطن أولا وأخيرا، حيث يوفر التغيير فرص النجاح لكل مواطن مجتهد، ويرفع مستوى معيشته إلى مستويات أعلى، ويشمل ذلك الدخل والصحة والسكن، وخلق فرص وظيفية، وإتاحة الفرص المختلفة له ولأجيال كثيرة. خامساً: يجب زرع فكرة أساسية في ذهن كل مواطن ومسؤول، أن العالم قد أصبح قرية واحدة، وأن الذكاء هو في استيراد ما يعرفه العالم ولا نعرفه، وتصدير ما يحتاجه هذا العالم، فليس عيباً أن نستورد الأفكار والتكنولوجيا والمعرفة، بدلا من التركيز على الغذاء والملابس والمواد الاستهلاكية على أنواعها، والتي تجعل الاقتصاد استهلاكياً، وتجعل المواطن منخفض الإنتاجية، محباً للدعة والراحة، كثير التذمر من ارتفاع سعر سلع ليس لها حاجة ماسة من الأساس. سادساً: يجب خلق بيئة اقتصادية مستقرة، عن طريق تفادي غموض السياسات الاقتصادية، المالي منها والنقدي، لما لهذا من تأثير على استثمارات القطاع الخاص، فقد يصاحب النمو الاقتصادي التضخم أو العجز في الميزانية أو زيادة مضطردة في نسبة الدين العام، ومن أهم مهام السياسات الاقتصادية التحكم بهذه العوامل لجعلها أموراً مشجعة للاستثمار وليس عائقاً له. سابعاً: استبدال الاستهلاك بالتوفير والاستثمار، لأن الهدف هو تحقيق ربح مستقبلي أعلى، ولا تستطيع أي دولة تحقيق نمو مرتفع وفائض اقتصادي وعائد مجز من الاستثمار دون وضع محفزات للتوفير، وقد وصل معدل الادخار إلى 30 % من الناتج المحلي في بعض الاقتصادات الآسيوية. ثامناً: لا مناص من الاقتناع الكامل بأن عوامل السوق هي أكثر السبل كفاءة لتوزيع الموارد، كالمال واليد العاملة، وليس هناك بديل حقيقي لنظام السوق الحرة، الذي يعتمد على إشارات سعرية وقرارات شفافة ومحفزات فعالة، بل قد يتطلب الأمر تنفيذ ما يسمى «التدمير الإيجابي»، الذي يعني التحول الهيكلي، حيث تقوم عوامل السوق وقرارات الحكومة بإعادة توزيع بعض الموارد، كالعمالة مثلا، من مناطق ريفية إلى مناطق صناعية، وينتج عنه استبدال بعض الوظائف بأخرى ذات طبيعة مختلفة. تاسعاً: لتحقيق نمو اقتصادي متميز ومستدام لا بد من توفر دوائر حكومية ملتزمة وقادرة وذات موثوقية عالية، فمثلاً يتطلب الأمر وضع أنظمة للإعفاءات الضريبية والقروض الميسرة لمساعدة القطاع الخاص، خصوصا في القطاعات الجديدة. عاشراً: يجب القضاء على أفكار سيئة وعقيمة فيما يخص الاقتصاد، مثل إعانات الطاقة، والاعتماد على الخدمة المدنية لحل مشكلة البطالة، وتقليل العجز عن طريق تقليل مصروفات الاستثمار في البنية التحتية، وعدم تشجيع التصدير، وقياس التقدم في العملية التعليمية عن طريق عدد المنشآت، واعتبار ملف حماية البيئة ترفا لا يمكن تحمل تكاليفه، واحتكار بعض القطاعات مثل البنوك.