×
محافظة مكة المكرمة

إزالة المرابض العشوائية للإبل بجدة

صورة الخبر

عندما نتجول في مدينة لندن لا يمكن أن نطمئن لطابعها الكوزموبوليتان العالمي الحاضن لكم هائل من الشعوب والأعراق والجنسيات، ونوكل سلامتنا إلى القوانين البريطانية المتعلقة بحقوق الإنسان والأقليات والتعايش تحت سقف الحقوق المشتركة في أقدم ديمقراطيات أوروبا..... لأنه إلى جوار هذه المساحة المتسامحة التي يتحرك بها غرباء لندن وسياحها، هناك مساحة غامقة أخرى متوارية ومستترة، مكتظة بالمتعصبين والعنصريين ورافضي الغرباء، مساحة تحتوي المصاعب الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد البريطاني، مساحة تتصل بعلاقة عاصمة المستعمر القديم برعايا مستعمراته، لندن العرش البريطاني المتعجرف، ومشاركة لندن في الحرب على العراق وأفغانستان، لندن تفجيرات مترو 2005، وأخيرا علاقة لندن بالمنظمات الإرهابية فوق أرضها، بعدما رضخت أخيراً الأسبوع الماضي الحكومة البريطانية وبدأت في مسآلة أنشطة وقيم وأفكار المنظمات ذات الدين المسيس. بالطبع جميع ماسبق يؤججه ويشعله ويرسخه بوق ال (البي بي سي) بصحبة إعلام إثارة من شأنه أن يصنع فضاء غير ودود وشبه عدائي مستفز لجميع الكوامن الداخلية المتوترة في علاقة الشرق مع الغرب. ومن هنا قد تكون هذه المنطقة الدامسة في علاقتنا مع الغرب أو الإنجليزي بالتحديد مكمناً لجميع النزعات العدوانية والإجرامية التي تحدث ضد السياح العرب هناك. صادمة كانت الحادثة التي تعرضت لها ثلاث سيدات إماراتيات في أحد فنادق مدينة لندن، وبالتأكيد هذا النوع من القضايا لا يمكن أن نضعه إلا تحت بند الشر المطلق، دون تفسيرات أو تعليل لمجرمين باغتوا النساء العزل في غفلتهن. بالإضافة إلى هذه الحادثة الوحشية من الممكن أن تحدث في أي مدينة من مدن العالم، ولكن هذا لا يمنع أن يقودنا هذا الخبر إلى سؤال هل مدينة لندن مدينة صديقة للسياح؟ أتجنب مدينة لندن في الصيف لكن قادتني صدفة غير حسنة إليها الصيف الماضي، لأجدها مازالت تبدو بنفس تلك الطريقة الهزلية التي تظهر بها في (مسرحية باي باي لندن) بينما سوق شارع التبضع اكسفورد الشهير يتلاعب بالساعة الإنجليزية المنضبطة وشاربي الأسد الإنجليزي الوقور، ويبقى مستيقظاً إلى ساعات متأخرة في الليل، والسياح يمخرونه بمشترياتهم وحقائبهم، ودرجات التنزه ذات الراكبين تصدح بأغاني محمد عبده وحسين الجسمي، بينما المطاعم ترفع يافطة اللحم الحلال والنرجيلة. حيث يذهب السياح العرب هناك كالعادة للتلصص على بعضهم البعض، وعرض مقتنياتنا وسياراتنا ومواهبنا وبناتنا، لنعود منها محملين بالمشتريات والأحلام والوعود معا. المشهد كان عجائبياً نوعاً ما وطوال الوقت كان يحاصرني سؤال :- كيف يتجاوب الإنجليزي الخارج من بيته قبل قليل بعد أن لخصت له البي بي سي تقريراً عن الشرق الأوسط وتنظيم القاعدة وعلاقتها بالغرب وتهديد الحجاب والعرب المصدرين للعنف الديني.... مع هذه المشاهد في مدينته؟ وبإطلالة خاطفة على ما وراء الواجهة سنجد أوروبا التي لم تبرأ من أورامها الدينية بعد، فسويسرا ترفض أن ترفع فيها المآذن، وغرناطة في أسبانيا بعد قرون من محاكم التفتيش سمحوا بمسجد لكن لم يسمحوا بالمئذنة، وابتسامة التهذيب تخفي وراءها توجساً وتاريخ صراعات عمرها قرون، وتجاذبات إشكالية الحجاب المخترق للفضاء اللندني وعلاقته بتفجيرات لندن، والتبضع الخليجي الباذخ.... باستطاعتنا أن نضع جميع هذا في سلة واحدة... ومن ثم نعيد مراجعة الأماكن التي نختارها لسياحتنا خلال أشهر الصيف الطويلة. فقد تحقق لنا حديقة الهايدبارك نزهة يومية منعشة... لكن هل مدينة لندن مدينة صديقة للسياح؟... وبالتحديد للعرب الخليجين منهم؟ لماذا لا نختار أماكن سياحتنا بحذر وعناية؟.