الشارقة: «الخليج» في إطار البرنامج الثقافي للدورة السابعة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية، نظمت صباح أمس ندوة فكرية حول موضوع: «هل تطورت مناهج أكاديميات المسرح العربية؟» أدارها عبد الناصر خلاف (من الجزائر)، وشارك فيها: حسن عطية (من مصر)، وراشد عيسى (من فلسطين)، وإبراهيم نوال (من الجزائر)، وعصام اليوسفي (من المغرب).خصص الدكتور حسن عطية مداخلته للتكوين الأكاديمي للمسرح مصر، حيث أشار إلى أن هذه التجربة تعود إلى بداية الثلاثينات من القرن الماضي، حيث أنشئ «المعهد العالي لفن التمثيل» واستمر حتى عام 1944، ثم أعيد افتتاحه بقرار حكومي تحت اسم معهد الفنون المسرحية، وتخرجت فيه أول دفعة عام 1947 وكان من بينها خصوصاً حمدي غيث ونبيل الألفي وعبد الرحيم الزرقاني. وتحدث عطية عن جهود زكي طليمات في هذه التجربة التأسيسية، حيث استمد مرجعيات التدريس الفني من المناهج الكلاسيكية الفرنسية وأفكار ستانيسلافسكي. وأضاف أنه عند إنشاء وزارة الثقافة في مصر أواخر الخمسينات تم إحداث قسم الديكور والملابس وقسم النقد وأدب المسرح إلى قسم التمثيل في المعهد.وأشار عطية إلى أن المعهد كان يعدّ الطالب إعداداً أساسياً للمسرح فقط وليس للسينما، إذ كان هناك معهد آخر للسينما، ومع تأسيس أكاديمية الفنون عام 1960، برزت أهمية التنسيق والتفاعل بين معاهد المسرح والسينما والموسيقى والفنون الشعبية، ومع ظهور التلفزيون أضيفت مناهج لتدريب الممثلين على التعامل مع الكاميرا التليفزيونية.وأوضح الدكتور عطية أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أُعيد النظر في مناهج المعهد، حيث تم الفصل بين المواد الإجبارية والمواد الاختيارية، وشملت المواد الاختيارية علم الاجتماع وعلم النفس وعلم اجتماع المسرح وفنون الحضارة المختلفة.. كما لفت الانتباه إلى أن بعثات الطلاب نحو الخارج لم تعد تقتصر على فرنسا وإنجلترا، وإنما شملت بلداناً أخرى في أوروبا الشرقية والغربية وفي أمريكا اللاتينية من أجل التعرف إلى الاتجاهات السائدة التي تساعد على تطوير المناهج الحديثة في فن التمثيل وغيره من الفنون الدرامية.أما الإعلامي والناقد المسرحي راشد عيسى فخصص مداخلته للحديث عن تجربة يعرفها عن كثب وتتعلق بالتكوين المسرحي في سوريا، مشيراً إلى أنه في سنة 1977 أنشئ معهد التمثيل، تحت وصاية وزارة الثقافة. وبعد ذلك أصبحت هذه المؤسسة رافد الأفلام التلفزيونية وأفلام الكارتون، من منطلق أن التلفزيون يوفر النجومية والعائد المادي. ومن ثم، فرض التلفزيون نفسه على المسرح، ولاسيما أمام صعوبة سوق العمل في المجال المسرحي وضعف المناهج المتبعة في التكوين.الدكتور إبراهيم نوال ألح في مداخلته على ضرورة إدخال التعليم والتكوين الفني في دائرة الانشغال والاهتمام الفعلي، من أجل إحداث نهضة ثقافة علمية في فنون العرض، كما دعا الباحثين والمبدعين المسرحيين إلى مواكبة التطورات السريعة في مجال التعليم الفني الأكاديمي والمهني من أجل المضي قدماً والوصول إلى دور خلاق للتعليم الفني المعاصر، لتجاوز التدريس التقليدي، وفتح الباب واسعاً للحداثة والتوعية، وشدد على أهمية وجود استراتيجية للنهوض بتعليم الفنون المسرحية، عمادها جعل الطالب محور السياسة التعليمية الفنية، وتعميق الخبرة والمعرفة لدى أساتذة التعليم الفني.واعتبر الباحث والفنان المسرحي الدكتور عصام اليوسفي مداخلته شهادة مستوحاة من التجربة والمعاينة لمدة عشرين سنة في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي في الرباط، حيث انتقل بين مهمات ومناصب متعددة. وأشار إلى أن وجود مؤسسة أكاديمية تعنى بالمسرح يعكس اعتراف من قبل الدولة بأهمية المهنة ووظيفتها داخل المجتمع، مما يستدعي وجود قوانين واستثمارات في العنصر البشري وتوفير سوق العمل. كما أن من أهداف إنشاء تلك المؤسسة البحث عن جيل جديد ومسرح آخر يمكن أن يشكل قطيعة واستمراراً في الوقت نفسه، بالإضافة إلى خلق صناعة ثقافية مهنية في علاقة مع السوق.