×
محافظة المنطقة الشرقية

نجم موناكو الشاب يختار فريق أحلامه

صورة الخبر

حتى لغير الرياضيين ومتابعي كرة القدم، كان الشغل الشاغل خلال الأيام الماضية هو النتيجة المذهلة التي حققها نادي برشلونة بالعبور لدور الثمانية من مسابقة دوري أبطال أوروبا، بتحقيقه المعجزة المتمثلة بفوزه بسداسية على ضيفه الفرنسي باريس سان جيرمان. لست هنا للتحليل الفني للمباراة أو للحديث عن تفاصيلها وأحداثها؛ لأني أعرف أن هنالك العديد ممن سيقرأون هذا الكلام هم أصلاً غير متابعين لكرة القدم أو من غير المهتمين، لكنَّ ثمة شيئاً مميزاً جديراً بالاهتمام فيما حدث تلك الليلة مع برشلونة بمباراته التاريخية. النادي الكتالوني كان يحتاج للفوز بخماسية نظيفة؛ لكي يحجز مقعده بالدور المقبل من البطولة، وهو كان يحتاج ذلك كي يعوض فارق الخسارة التي تلقاها من خصمه في باريس قبل شهر تقريباً، والتي كانت قوامها أربعة أهداف مقابل لا شيء. المهمة كانت أشبه بالمستحيلة، والتعويض سيكون صعباً جداً، ومع ذلك فقد امتلأ الملعب عن بكرة أبيه (حوالي مائة ألف متفرج)، وظل يهتف حتى الرمق الأخير، ورغم تلقي جماهير ولاعبي برشلونة صفعة قوية بعد أن أحرز باريس هدفاً (فبات يحتاج برشلونة لستة أهداف وليس خمسة؛ لكي يحافظ على نفس الفارق)، وأوشكت "المهمة المستحيلة" على الفشل، نجح برشلونة في قلب الطاولة وتسجيل الأهداف المطلوبة بالوقت القاتل من المباراة. قد يظن البعض أن ما حدث بالكامب نو هو شيء لا ينطبق على باقي مسارات حياتنا كونها مجرد لعبة، بيد أنني أرى أن هناك دروساً وعِبراً مستفادة مهمة جداً ينبغي استغلالها والاقتداء بها في حياتنا العامة. أجزم أن الجميع كان سيصفق لبرشلونة حتى لو لم يحقق ذلك الانتصار التاريخي، ولم يكن أحد ليلومه أحد طالما أنه قدم كل ما يملك، لكن الفريق الناجح (وكذلك الشخص الناجح) هو الذي يتعطش دائماً للأفضل، ولا يكتفي بالمواساة ورفع المعنويات. فلو أردنا إسقاط هذه "المعجزة" على حياتنا اليومية، فإن العوامل التي يحتاجها الإنسان لمواجهة يأسه هي نفسها التي قام بتطبيقها نادي برشلونة. وبصرف النظر عن الموضوع الذي نتحدث عنه، فإن هزيمة اليأس تحتاج إلى أربعة أمور؛ أولها التخطيط (رسم خطة وطريقة اللعب والتشكيلة المناسبة)، وثانيها الثقة بالنفس والإيمان بالذات (الاستمرار بالهجوم والإصرار على الانتصار حتى رغم هدف باريس المحبط)، أما الأمر الثالث فهي العوامل التحفيزية (جمهور برشلونة ودعمه)، وأخيراً وليس آخراً يحتاج الشخص إلى الصبر (الانتظار حتى الوقت القاتل لتسجيل هدف الفوز). تواجه الشعوب العربية "بشكل عام" معضلة كبيرة تتمثل في فقدان الأمل والاستسلام السريع لما يصيبها، والله تعالى ذكر في سورة يوسف: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، ولعل القنوط (وهو أقصى درجات اليأس) الذي وصلت إليه أمتنا هو ما جعلها غير مؤهلة لممارسة دورها المؤثر بين كبريات الدول العظمى، فإذا كان اليأس يقتل حياة الفرد، فما بالك عندما يتسلل اليأس إلى أمة كاملة وينتشر بها كما ينتشر الورم الخبيث في الجسد! مواجهة اليأس هي معركة داخلية يتوجب علينا خوضها دون استثناء، معركة لا تحتمل الخسارة؛ فالانتصار بهذه المعركة يشمل محاربة الاكتئاب، الإحباط، التعب الجسدي، تغلغل الأفكار السلبية والشيطانية، وتبقى كلمة السر هنا هي "الأمل".. الأمل هو من يروي الحياة.. كالماء ضرورة قصوى للعيش. مثلما آمن جمهور برشلونة بحظوظ فريقه، فإن الإنسان يجب أن يؤمن بنفسه، وبقدراته، وأن يمتلك من الثقة ما يكفي؛ لكي يواصل مشواره الذي يريد ويمضي قدماً في تحقيق أحلامه. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.