×
محافظة المنطقة الشرقية

“خلاف سابق” يظهر بجوار مقبرة في القطيف ويُؤدي لفاجعة!

صورة الخبر

الكماليون يخشون من أن يضحي الكبار بهم بذهابهم إلى تسوية مع الدولة مع تحميلهم وحدهم فاتورة العنف، وشكوك رسمية من جدية الدعوة.العرب هشام النجار [نُشر في 2017/03/22، العدد: 10579، ص(13)]لملمة عنف مبعثر القاهرة - أعلنت “جبهة محمد كمال”، المعبرة عن شباب جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها الأحد، عن إجراء ما سمّته “مراجعات فكرية” تحت عنوان “تقييمات ما قبل الرؤية”. وقال البيان إن المراجعات هي “خلاصات لأبحاث وورش عمل قام بها عدد من المتخصصين في علوم الاجتماع والسياسة والقانون والشريعة، بمشاركة البعض من كوادر الإخوان بالداخل والخارج”. وأثار البيان جدلا واسعا. ووصف مراقبون البيان الذي يتحدث عن “مراجعات جديدة” بأنه “مثير للسخرية”، نظرا لأنه صادر عن الجبهة التي تقود بشكل علني الصدام المسلح ضد مؤسسات ورموز الدولة في مصر. وأشار كثيرون إلى ما جاء في البيان بشأن تواصل الجبهة “مع ما يزيد على 100 من المفكرين والسياسيين والشخصيات العامة والعلماء والمهتمين بالشأن الإخواني للمشاركة في هذا التقييم”. هذا المشهد بدا “سورياليا”، بحسب كثيرين تساءلوا “كيف يتوقع مصدرو البيان أن يتعاطى أحد مع مزاعمهم بمصداقية وثقة، في حين أنهم لم يعلنوا بعد عن وقف العنف بشكل كامل، وإلقاء السلاح؟”. وزعم بيان الجبهة أيضا أن التقييمات التي جرت "سيتم عرضها على عموم الصف الإخواني للإسهام فيها بالرأي والمشورة، بالإضافة إلى عرضها على الشأن العام بعد الانتهاء من تسليم النسخ لأعضاء الجماعة والنخب والمفكرين”، وأشار إلى أن "كل الآراء سيتم جمعها في ما بعد، لتنقيحها وإخراجها في وثيقة علمية متكاملة". وربط منشقون وقادة سابقون بالجماعة بين هذه الخطوة – من قبل “الكماليين”- وما اعتبروه تطورا في تعامل الجهاز الأمني المصري مع الصراع المحتدم بين الجبهتين المتنازعتين في الإخوان (جبهة الشباب الداعي للعنف، وجبهة القيادات التي لا تدعو علنا إلى تبني العنف). وكان بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية، قد قسّم لأول مرة الجماعة لتيارين، إذ قال إن أحدهما تابع للقيادي المتوفى محمد كمال، ونسب إليه القيام بأعمال إرهابية مسلحة. وكان محمد كمال مسؤولا عن الذراع المسلحة للإخوان، إذ اتهمته الحكومة المصرية بالتورط في العديد من الهجمات الإرهابية التي استهدفت مؤسسات حكومية ومسؤولين بارزين. وقتل كمال مع مسؤولين آخرين في التنظيم في أكتوبر الماضي، بعدما اقتحمت قوات الأمن المصرية شقة كان يستخدمها كغرفة عمليات لتنسيق أعمال التنظيم.خبراء: القول إن جماعة الإخوان المسلمين منقسمة إلى جبهتين غير صحيح وما يجري الآن ليس سوى تبادل للأدوار ودأبت وزارة الداخلية المصرية طوال الأعوام الماضية على التعميم ووضع جميع عناصر الإخوان في سلة واحدة، بينما حرصت في بيانها الأخير، بمناسبة القبض على بعض مرتكبي العنف من المنتمين لخلايا مسلحة، على فرزهم وتمييزهم بوصفهم “تابعين لجبهة كمال التي تتبنى تقويض مؤسسات الدولة ونشر الفوضى والعنف". ولفت مختار نوح، القيادي السابق بالإخوان، إلى أن هذا الفرز بين جبهتين داخل الجماعة من شأنه تعزيز وجهة النظر التي تم تداولها كثيرا بشأن إمكانية قبول النظام المصري بالتعامل مع فريق داخل الإخوان، وتحييد فريق آخر باعتباره جبهة منشقة غير مسيطر عليها، تتبنى إحياء “النظام الخاص” والعنف ضد الدولة. وأوضح لـ”العرب” أن “الكماليين” وجدوا لأول مرة -بعد هذا الفرز- أنفسهم في وجه المدفع دون غطاء كاف، “مؤكدا أن هناك هواجس تنتاب القيادات الشبابية حول إمكانية ذهاب جبهة محمود عزت والقيادات التاريخية إلى تسوية مع الدولة تتضمن التضحية بالتيار الشبابي، وتحميله وحده فاتورة العنف”. واتفق سياسيون مع تلك الرؤية، وذكروا أن استراتيجية الجماعة في التعامل مع أزمة عزلها من السلطة منذ البداية، تتلخص في الضغط بعمليات العنف وتثوير الشارع لإجبار الدولة على التفاوض والقبول ببعض المكاسب للجماعة في المشهد السياسي. وألمحت مصادر أمنية مصرية إلى أنه من الصعب عمليا سيطرة “جبهة محمد كمال” على الجماعة وتمكنها من إدارة شؤونها، نظرا إلى أن قادتها إما هاربون خارج مصر أو مقبوض عليهم، ولا يتحكمون كشأن محمود عزت في مصادر الدعم المالي. وكانت الجماعة دخلت مرحلة جديدة مؤخرا، سعت من خلالها إلى إعادة تعريف نفسها وتحديد هويتها، خاصة مع وجود انقسام داخلها، حيث باتت تتشكل الآن من فريقين، أحدهما محسوب على القيادات القديمة ويرفض إحداث أي تغيير أو مراجعات تطاله بالمحاسبة أو العزل، وآخر “شبابي” يناور على مختلف المحاور ليظل في قلب المشهد، لدرجة جمعه مؤخرا بين تبنيه لما أطلق عليه “المراجعات” في الوقت الذي يرفع فيه السلاح ضد الدولة. ويحتدم حاليا الصراع داخل الجماعة على الإمساك بمفاصل التنظيم، ولجأت الأطراف المتنازعة إلى خطوات من شأنها إحراج وإضعاف الطرف المنافس. واستغلت جبهة ما أطلق عليه “الكماليون” المحسوبة على التيار الشبابي المتبني للعنف، عزوف جبهة القيادات القديمة عن تقبل فكرة “المراجعات”، فأطلقت بيانها عن المراجعات، والذي وُصف بأنه دعائي وعديم القيمة. وانشطرت جماعة الإخوان إلى جبهتين في الظاهر منذ نهاية ديسمبر 2015، الأولى تتبع ما يُعرف بالقيادات التاريخية، بقيادة محمود عزت وإبراهيم منير، والثانية تدين بالولاء لأفكار العنف وللمسار الذي دشنه القيادي محمد كمال، الذي لقي حتفه خلال مواجهة مسلحة مع الشرطة المصرية في أكتوبر من العام الماضي، وهو مسار يعتمد على بعث التنظيم السري للجماعة، وكانت الأخيرة قد أعلنت قبل شهرين عن عزل قيادات تيار الحرس القديم بزعامة محمود عزت. وأعلنت القيادات التاريخية تبرؤها من قيادات جبهة “الكماليين” واللجان المسلحة الموالية لها، ورفضها العمليات التي تتم ضد الحكومة، ومرّرت جبهة محمود عزت مبادرة للمصالحة بين الجماعة والسلطة الحالية، من خلال محمد الحديدي، صهر خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، عبر تدشين تجمع سياسي جديد يحمل اسم “عقل مصر”، هدفه إجراء مصالحة بين الجماعة والسلطة. وعرضت ضمن المبادرة المذكورة “الابتعاد عن السياسة خلال هذه المرحلة، وعدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة أو دعم أي من مرشحيها نهائيا، ووقف العمليات المسلحة للمجموعات الشبابية الموالية للجان النوعية التي أنشأها محمد كمال، ووقف التوغل داخل الجامعات المصرية أو محاولة السيطرة عليها أو السيطرة على النقابات المهنية، مقابل إطلاق سراح المعتقلين وعودة المهجّرين”. ودأب تيار محمود عزت على اللعب على المتناقضات لكسب ثقة الدولة على حساب ممارسات “جبهة محمد كمال”، وبتقديم نفسه كجهة قيادية قادرة على إيقاف التمرد والنشاط الثوري داخل الجماعة. أكد مراقبون لـ”العرب” أن الاتصالات ومحاولات التقريب بين الدولة والجماعة بقيادة عزت لم تتوقف في مرحلة من المراحل، وأشاروا إلى أن جبهة عزت تمارس ضغوطا لتحصل من الدولة على ما تستطيع به إقناع قواعد الجماعة، وما تراه ضروريا لتعزيز نفوذها وإحكام هيمنتها على التنظيم. وفي المقابل هناك من يرى أن الجبهتين تكونان فريقا واحدا، وأن ما يحدث لا يعدو أن يكون توزيعا للأدوار، بدليل أن الجبهتين عملتا معا، ضمن إدارة واحدة بقيادة عزت، هي اللجنة الإدارية العليا الثانية التي تراجع فيها موقع محمد كمال قبل مقتله. ويرى البعض من الخبراء أن الجبهتين متفقتان بشأن رفض المصالحة، لكن تيار محمود عزت يركن للتكتيكات المرحلية وامتصاص الصدمات، بغرض استعادة قوة التنظيم. وقال طارق البشبيشي، القيادي المنشق عن الإخوان، لـ”العرب” أن جبهة الكماليين تسعى لتجاوز أزمة مقتل قادتها، والضعف الذي طرأ عليها بعد تصفية المسؤولين عن لجانها النوعية أو القبض عليهم، مستبعدا أن تكون تلك المراجعات حقيقية، وأشار إلى أن التنظيم يعمل على إقصاء كل المفكرين والإصلاحيين بداخله، وبالتالي فلن يقبل بأي أفكار للإصلاح تأتي من خارجه.