"حاسّة بحرمان اليوم، فابني هو حياتي وروحي وعقلي" .. تلك كانت كلمات الحاجة آمال والدة المحامي محمد صادق، المعتقل السياسي بمصر، والتي لم تستطع رؤية ابنها رغم قرار وزير الداخلية المصرية منح زيارة استثنائية للمساجين بمناسبة عيد الأم الثلاثاء 21 مارس/آذار 2017. وحينما سألنا والدة صادق، المحامي الحقوقي المتهم في إحدى القضايا السياسية بمصر، عن شعورها في ظل غياب ابنها في عيد الأم، دخلت في نوبة بكاء شديدة، قبل أن تستطيع أخيراً التوقف، فقالت: "محمد ابني الذكر الوحيد، وليس دي غير أخته، والده مات من 13 سنة، وهو سندي وروحي، لكنني لم أره منذ 8 أشهر". وتضيف في اتصال هاتفي مع "هافينغتون بوست عربي"، أنها باتت تتمنى فقط أن تلمح صورته، فهو كان بالنسبة لها "أحنّ شخص في الدنيا، يقبل يدي ورجلي ورأسي". ورغم تصريح وزير الداخلية بأنه قرر السماح للأمهات بزيارة استثنائية لجميع المساجين في عيد الأم، فإنه لم يُسمح لها بذلك، "فالواقع يختلف عن التصريحات".قرارات الداخلية في عيد الأم وبرر مصدر من وزارة الداخلية المصرية المنع الذي، في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي"، بأنه "اتُّخذ كإجراء أمني"، قائلاً إن رفض زيارة الأمهات لبعض المساجين "لم ينفذ في القضايا ذات البعد السياسي فقط". وأشار المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه؛ لكونه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، إلى أن "هناك عدداً من السجون التي قدمت الورود للأمهات في أثناء زيارتهن، ومن ضمن ذلك مصلحة السجون بالفيوم والشرقية، وسيُعمم الأمر على جميع السجون خلال الأيام المقبلة" حسب قوله، لكن "هافينغتون بوست عربي" لم يتسنّ لها التأكد من ذلك. وفي مراسم شبه سنوية، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن عدد من الفعاليات بمناسبة عيد الأم؛ منها السماح لنزيلات السجون باستقبال أطفالهن فى زيارة استثنائية واحدة خلال أسبوعين لا تُحسب من رصيد الزيارات. وقرر وزير الداخلية، منذ 10 أيام، احتفالاً بعيد الأم واليوم العالمي للمرأة ويوم المرأة المصرية، شهادات ميلاد وبطاقات الرقم القومى للسيدات اللاتي لم يُسجلن من قبل، على نفقة الوزارة خلال شهر مارس.العقرب وقضية النائب العام وعن الممنوعين من الزيارة بمناسبة عيد الأم، قال عزت غنيم، وهو محامي عدد من السجناء السياسيين، ومدير التنسيقية المصرية لحقوق الإنسان، إن نزلاء سجن العقرب 1، والمتابَعين في قضية اغتيال النائب العام ومحاولة اغتيال مساعده المحبوسين في سجن العقرب 2، لم يُسمح لهم بذلك. ويتمنى غنيم أن تفتح الزيارة الاستثنائية هذه أيضاً لهم، خصوصاً أنه لم يُسمح لهم بلقاء أهلهم منذ أكثر من 7 أشهر. وطالب غنيم، في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" عبر الهاتف، وزارة الداخلية المصرية بتعميم النظرة الحقوقية والإنسانية في مناحي الحياة كافة داخل السجن، وتحسين أوضاع السجناء بمصر، وإزالة الأسلاك والزجاج العازل في أثناء الزيارة. وأضاف أيضاً أنه يحب تحسين ظروف معيشة المساجين والسماح للأسرة بإدخال الدواء والأطعمة.شكايات لمجلس حقوق الإنسان واشتكت بعض أمهات المساجين بسبب عدم السماح لهن بزيارة أبنائهم من قبل. وحدد جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، 40 شكاية، من بينها شكايات مساجين سياسيين وجنائيين. وأفاد إسحاق بأن "الداخلية استجابت للشكاوى الأربعين، وسمحت للأمهات بزيارة أبنائهن"، لكنه استدرك حديثه طالباً من باقي الأمهات اللاتي لم يُسمح لهن بالزيارة تقديم شكوى بذلك إلى المجلس.قصائد شعر وزارة الداخلية في عيد الأم وبالتزامن مع احتفالات عيد الأم، قام قطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية المصرية بنشر قصيدتين شعريتين عن الأم في تدوينة على الصفحة الرسمية للوزارة بموقع فيسبوك الثلاثاء 21 مارس 2017. وكانت القصيدة الأولى عن آلام أمهات قتلى الشرطة والجيش، حيث كانت عبارة عن حديث تخيلي لإحداهن عند لقائها ابنها الفقيد، فيما كانت القصيدة الثانية "رسالة على لسان أحد الشهداء إلى أمه يدعوها لعدم الحزن". شاعر الداخلية وكشف العميد أشرف العناني، رئيس المركز الصحفي بوزارة الداخلية، في تصريحات صحفية، عن هوية كاتب القصيدتين، وهو الملازم أول عبد اللطيف القاضي، الضابط بالإدارة العامة للإعلام والعلاقات. ويعد الملازم عبد اللطيف القاضي "شاعر وزارة الداخلية" منذ عهد الرئيس السابق محمد مرسي، حيث سبق له إلقاء قصيدة شعرية تحت عنوان "شهيد الوطن"، وذلك فى حفل تكريم 87 من أسر قتلى الشرطة و84 من مصابيها في أبريل/نيسان 2013، بحضور وزير الداخلية حينها اللواء محمد إبراهيم، والذي يشغل الآن منصب مساعد الرئيس عبد الفتاح السيسي لشؤون الأمن القومي.