أسعار السلع في السوق المصرية ترتفع بشكل ملحوظ، ومعها يرتفع صوت المواطن الشاكي من عدم قدرته على تلبية احتياجاته اليومية. ويبدو أن الارتفاع سيتواصل، فرئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية بالقاهرة أحمد شيحة يؤكد أن المصريين مقبلون على موجة غلاء أخرى مع اقتراب شهر رمضان. لا أحد في مصر يستطيع أن يحدد سببا واحدا لموجة الغلاء التي تجتاح الأسواق، فالتجار يرجعون الأمر إلى تعويم الجنيه، وسعر الدولار، إلى جانب تأثير رفع قيمة الدولار الجمركي. فيما يرى آخرون أن التجار استغلوا تلك العوامل مجتمعة لرفع الأسعار، وعدم السماح بعودتها لطبيعتها، خاصة أن أي انخفاض لسعر صرف الدولار لا يرافقه أي انخفاض في أسعار السلع. ويشرح جلال صادق أحد مستوردي السلع الغذائية لـ"موقع الحرة" أن أي متتبع للأرقام "سيستنتج أن زيادة أسعار السلع سببها تراجع كبير في الواردات"، ما يعني أن التجار المصريين "لا يملكون رأس المال اللازم لشراء الكميات المعتادة من البضائع". و"لنقص الدولار وليس سعره فقط" أثر كبير في ارتفاع الأسعار، يتابع صادق، وأن الكثير من المستوردين "يتخوفون من شراء كميات كبيرة من السلع الغذائية، فهم يعلمون أن سعر صرف الدولار لن ينصفهم ولن تشتري المحال التجارية البضائع منهم". وقرار الحكومة برفع قيمة الدولار الجمركي، واعتماد ضريبة القيمة المضافة، وزيادة أسعار الكهرباء والوقود، دفع التجار إلى رفع أسعار السلع وهو ما انعكس على قدرة المواطن الشرائية، حسب سامي عاشور أحد تجار الأدوات المنزلية. "عندما نقارن بين عامي 2016 و2017 وعام 2015، سنجد ارتفاعا خلال هاتين السنتين في قيمة الدولار يزيد عن 40%، وزيادة مماثلة لقيمة الدولار الجمركي، واعتماد ضريبة جديدة (القيمة المضافة) بنسبة 13%، وارتفاع مبالغ تحصيل الكهرباء على المخازن التجارية بأكثر من 50%"، هذه كلها أسباب تحتم على التجار المحافظة على هامش ربح، حسب ما يؤكد عاشور لـ"موقع الحرة". وكان وزير المالية المصري عمرو الجارحي قد أفاد بارتفاع سعر الدولار الجمركي الخميس على مدى أسبوعين من 15.75 جنيها إلى 17 جنيها. وكشف بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع أسعار الغذاء والمشروبات بنسبة 41.7 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بشهر شباط/فبراير من عام 2016. ويحمل الباحث في شؤون الاقتصاد رامي الغالي في حديث لـ"موقع الحرة" ما وصفه بـ"جشع التجار" المسؤولية، خاصة مع غياب الرقابة الحكومية على حركة البيع والشراء، حسب قوله. ويقدم الغالي أمثلة على ما اعتبره "طرقا ملتوية" يستخدمها التجار لتحقيق مستويات ربح عالية، منها "عدم طرح البضاعة المتوفرة في مخازنهم، إلى أن يعاني السوق من نقصها، ثم إغراق السوق بها بسعر أعلى بداعي ارتفاع صرف الدولار". ويضيف الغالي أن انخفاض سعر الدولار أمام الجنيه لا يعقبه انخفاض في الأسعار، "في الوقت الذي يقوم فيه المستوردون والتجار بزيادة الأسعار عندما يرتفع فيه سعر الدولار". ويضيف أن الأسعار في مصر "تتحكم بها تفاهمات ومصالح تقتصر على كبار التجار، من دون أي اعتبار للمواطن المصري، والدليل على ذلك هو ارتفاع أسعار السلع المصنوعة محليا، والتي لا تتأثر بصعود الدولار". وتحظر المادة (6) من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لعام 2015، الاتفاق أو التعاقد بين جهات متنافسة إذا كان من شأن الاتفاق "رفع أو خفض أو تثبيت أسعار المنتجات محل التعامل، أو تقييد عمليات التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع أو التسويق للمنتجات، ويشمل ذلك تقييد نوع المنتج أو حجمه أو الحد من توافره". وقال المحامي في القضايا التجارية أحمد واصف لـ"موقع الحرة" إن عقوبة الإخلال بهذا القانون يترتب عليها غرامة تتراوح بين "اثنين إلى 12 في المئة من إجمالي إيرادات المنتج، أو غرامة لا تقل عن 500 ألف جنيها". وأشار واصف إلى ضرورة تفعيل القانون في مثل هذه الظروف، قائلا: "لدى الحكومة المصرية مدخل قانوني ويجب استغلاله في مكافحة استغلال التجار لتعويم الجنيه". خاص بموقع الحرة