كل الدلائل تشير إلى أن الغرب أصبح يخاف من شبح (الإسلام العدو) مع أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا وأمريكا الشمالية يتمتعون بحقوق مدنية وعليهم واجبات يحميها القانون. يمارسون شعائرهم الدينية بأقل قدر من المضايقات. سُمح لهم ببناء المساجد وفتح مدارس لأبنائهم ،يصومون ويحتفلون بالأعياد ،ويرتدون الزي الوطني في المناسبات الخاصة بهم. الاندماج في الحياة العامة يختلف من بلد لآخر ومن جالية لأخرى ،فالأفارقة والهنود لهم طقوسهم وكذلك العرب. في بريطانيا الجالية المسلمة من القارة الهندية تُعد الأكثر وفي وقت الأزمات يتَّحدون للدفاع عن حقوقهم. في فرنسا وبحكم الخلفية التاريخية للاستعمار في شمال أفريقيا نجد المهاجرين بل المواطنين الفرنسيين من أصول جزائرية ومغربية وتونسية وبعض مواطني أفريقيا السمراء هم الجاليات الأكبر والأكثر عددًا ولهم صوت وحسابات تلعب دوراً في العملية الانتخابية. ألمانيا والنمسا بهما أعداد كبيرة من الأتراك وكل الجاليات تلتقي في بناء المساجد والمناسبات الدينية مثل صلاة الجمعة وصيام رمضان. ضغوط الحياة تجعل الجميع أكثر عرضة للإقصاء والحرمان من التوظيف وفرص ممارسة الأعمال الحرة ورغم ذلك هناك نماذج ناجحة استطاعت أن تشق طريقها في تلك المجتمعات وتحقق نجاحات ملموسة. حوار الحضارات بين الوافد والسكان الاصليين يثير النزعات القومية عند الأوروبيين؛ والساسة يستخدمونه لكسب الأصوات ،وهذا الجانب من أبشع الوسائل التي تتعرض لها الجاليات المسلمة في الغرب مع اختلاف درجة الحدة من بلد لآخر. أمريكا التي وظَّفت الإسلام ودرَّبت وموَّلت أعدادًا كبيرة من المسلمين للجهاد والحرب بالنيابة عن المعسكر الغربي في أفغانستان وبعد هزيمة الاتحاد السوفيتي تخلت أمريكا عن الأفغان المحاربين من كل الجنسيات المسلمة وبدلاً من مكافأتهم بإعادة تأهيلهم بطريقة أو بأخرى تنكَّرت لهم ودفعت بهم للتحول إلى أهداف ،مطاردين في أوطانهم وخارجها ،ولم يكن أمامهم إلا أن أعادوا تنظيم صفوفهم والانتقام بطرق عشوائية ،وقد صاحب ذلك غياب خطة عربية وإسلامية لمراقبة تلك التطورات قبل أن تخرج عن السيطرة. المناورات الإسرائيلية والاستخبارات الغربية شاركت في التصعيد ،وإيران قدمت بعض التسهيلات من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية. أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيًا كان مصدر تدبيرها وتمويلها كانت كارثية على الجاليات المسلمة في الغرب ولكن الوعي بما لهم وما عليهم وحصانات المجتمع المدني في تلك الدول وفَّرت لهم حماية نسبية ،والحكومات كانت أيضًا واعية لما يتطلبه الوضع لحماية الجاليات في تلك المجتمعات. مجيء إدارة أمريكية جديدة بتوجهات تدعو للانكفاء على مصالح أمريكا الضيقة والاهتمام بالداخل وتقليص الإنفاق الخارجي أثار انتعاش الأحزاب اليمينية في أوروبا معقل العنصرية في الغرب ،كما أن أمواج الهجرة الكبيرة عبر البحر الأبيض المتوسط بسبب الفوضى والفقر وانعدام الأمن التي أحدثها ما يسمى بالربيع العربي زادت من حدة التوتر بين الأحزاب اليمينية المتطرفة وبين الجاليات الإسلامية. منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لم تشارك بحلول إيجابية وأصبحت في موقف المتفرج على كل ما يحصل للمسلمين في أنحاء العالم ،في حين أن ردود الفعل من قبل الدول الغربية ضد الجاليات الإسلامية تنعكس سلباً على الدول العربية والإسلامية في أنحاء العالم ،ويجب أن يكون هناك خطة ومتابعة لأحوال المسلمين والدفاع عن حقوقهم المدنية في الغرب من خلال المؤسسات الدولية.