×
محافظة المنطقة الشرقية

اعتماد قياس موحد للوحات الإعلانية وتشديد على تيسير الإجراءات

صورة الخبر

لطالما كان الفنان المبدع محمد عبده جزءا من ذاكرة السعوديين ورمزا من رموز حاضرهم وماضيهم ومستقبلهم, إنه الصوت القادم من أعماق الجزيرة العربية, يغني وينشد بلهجة محلية بهية, وشموخ مهيب, ويكرس لحتمية ريادة وتميز السعودية في مجالات عدة أبرزها الفن والغناء. محمد عبده ذلك الجبل الصامد أمام كافة التيارات المسمومة التي عصفت بالساحة الفنية, وتلك الحنجرة الذهبية التي لم تزدها الأيام إلا جمالا وتفردا, وذلك الصوت المخملي الشجي الذي يمثل مدرسة فن راقيا ذا شعبية جارفة على الرغم من كلاسيكيته المعروفة. أجمل ما يعجبني وأجزم أن يأسر جمهور فنان العرب كذلك. هو الرقي والالتزام الذي كان يكرسه فنه في زمن أصبح الفن الهابط والرخيص سمة العصر وعنوان المرحلة, فمنذ انطلاقته مطلع الستينيات وتعاونه المستمر مع نخبة من شعراء نجد والحجاز ممن ساهموا في وضع الأغنية الخليجية واللهجة السعودية على خارطة الفن العربي في عصركان يسمى عصر “العمالقة”, وهو ينتهج أسلوبا راقيا ومهيبا على المستوى الأداء أو الكلمة أو اللحن, ولم ينضم فناننا الى عالم الصورة والفيديوكليب الذي لقي نجاحا ًمدويا ًإلا مؤخراً وفي إطلالات لم تتناقض مع خصوصية فنه ولا هيبة مكانته وقامته الفنية. إلا أن إطلالته الأخيرة على جمهوره شكلت صدمة حقيقية, ورسمت ببراعة لوحة خيبة أمل كبيرة في مستوى الظهور وشكله الرخيص الذي لا ينسجم مع قامة تشبه محمد عبده, حيث ظهر لنا في أغنية مصورة شكلت كارثة فنية في مسيرته وهي اغنية “وحدة بوحدة” التي تتسم بطابعها السوداني أو الأفريقي لا يهم أصلا, لأنك ستنسى رداءة الكلمة وتكرر الألحان أمام ما ستشاهده من مشاهد لفناننا وهو يحيي جمهوره من على منصة في إحدى “الملاهي الليلية” وبجانبه لاعب “الدي جي” الموسيقي ومن تحته جمهورعريض من النساء بثيابهن الخليعة التي تعودنا أن نراها في كليبات فناني الدرجة العاشرة الذين لا يملكون سوى تقديم مشاهد مغرية ورخيصة لجذب المشاهدين, ويتوالى الرقص من قبل الرجال، كذلك الذين يتمايلون على أنغام أغنيته وسط أضواء بيضاء تفتح وتقفل كل جزء من الثانية حتى تمنح “الديسكو” أجواء صاخبة في حضرة فنان العرب الذي يبدو أن القائمين على الكليب أقنعوه بأن يرقص بجانب الدي جي “ويهز كتف” حتى ينسجم مع أجواء المكان على الرغم من التجاعيد التي تظهر على وجهه, والشعيرات البيضاء التي غزت رأسه, وآلام الكبر التي وضعته في السرير الأبيض أكثر من مرة. فمن كان وراء هذه الإطلالة “الفاشلة” لفنان العرب؟ من خدع فنانا وأغراه بأن يهبط بقيمته وقامته لهذا المستوى؟ ومن أقنعه بأنه وبهذا الفن الرخيص الذي لم نعتده منه سيقترب من جيل الشباب وعصرية الزمن؟ ألم يدرك أبو نورة بأن تفرده وديدن نجاحه يعتمد في المقام الأول على (الاحترام) الذي فرضه على الناس من خلال فنه الذي بات يسمعه ويستمتع به المنفتح والمحافظ على حد سواء؟ فمن المؤلم أن نسمع أغنية عصرية تافهة من بعد “كل ما نسنس” و”من بادي الوقت” و”على البال” و”الأماكن” و”لنا الله” ووو... ومن المخجل أن نراه يغني في “ديسكو” بعد أن غنى على أرقى المسارح وأشهر المنصات.. لندرك أن المحافظة على القمة هي أصعب بكثيـر من الوصول اليها! للأسف الشديد هو أننا ولو أول مرة لم نطرب لأغنيات فنان العرب بقدر ما حزنا على حاله ومسيرته التي وصلت الى هذا الحد.. والعتب هنا موجه له و”لروتانا” التي أنتجت مثل ذلك العمل الذي لم يضف لمكانة الفنان محمد عبده بقدر ما حطت منها, ولولا غيرتنا على فنه الذي نؤمن انه جزء من ثرواتنا السعودية ووجها جميلا وقوة ناعمة لبلادنا لما كتبنا او انتقدنا ولسخرنا كما سخر البعض من هذه الكبوة.. إلا أنه وكما يقال “العتب على قدر المحبة” ونقدنا لك ما هو إلا غيرة على فنك الذي بتنا نخاف ان ينجر خلف موجة الهبوط الانحدار الذي اكتسى الساحة, وصرنا نخشى أن نقول حين نرى أغنياتك أو نردد: “راحوا الطيبين”!. Twitter:@lubnaalkhamis