لقد أصبح الاستقرار في مصر متعدد الأبعاد، حين مثّل أزمة متصاعدة دون سقف، ارتفعت معه وتيرة الاشتباكات الأمنية، واتسع النطاق الجغرافي للأزمة - خلال الأيام القليلة الماضية -. وعندئذ، فمن السذاجة تصور سير الأمور بلا عقبات، ففي رؤية الوقائع يمكن القول: إن البلاد تعيش في دورة مليئة بالتحديات، مع انسداد أفق الحلول السياسية، بعد أن تداخلت في المشهد العام أزمات أخرى، كلجوء بعض القوى السياسية إلى الشارع، وأفضت إلى النتيجة الحتمية المتمثلة في الصدام، وإراقة الدماء؛ نتيجة الحشد، والحشد المقابل. الأزمة المصرية ذات أبعاد - داخلية وخارجية - لم تتوقف عند حدود تهديد أمن البلاد، واستقراره، بل امتدت لتشمل إعادة إنتاج حالة من عدم الاستقرار، وتعطيل مسارات الإنجاز، مع تصاعد أعمال العنف الطائفي. وأخشى ما أخشاه: أن تتجه المواجهات إلى تبني اتجاهات انفصالية؛ بسبب تصاعد عدد الضحايا، واتساع نطاق الاشتباكات الأمنية. - ولذا - فإن احتواء الانفلات الأمني، وتحمل مسؤولياته الوطنية؛ لحفظ أمن، واستقرار الوطن، هو صورة حقيقية لتقدير الموقف، ومواجهة التطورات الخطيرة، باعتبار أن متلازمة الصراع السياسي، والعنف المتبادل، كانا ثمرة خبيثة، دفعت الكثيرين إلى محاولة حسم الصراع، دون إيجاد نقاط التقاء مع الطرف الآخر. ثم إن الأطماع الدولية التي تبحث عن مصادرها الاستراتيجية، والأمنية، والاقتصادية، وضمان هيمنتها على مقدرات مصر في الحاضر، والمستقبل، التي تديرها غرف عمليات دول استخبارات، وأذرعتها الناعمة في قلب القاهرة، وتنفق عليها ملايين الدولارات؛ من أجل تفكيك مصر، وتخريبها، الأمر الذي زاد الأمر خطورة، ما لاحظه المراقب من بوادر التدخل الدولي في الشأن المصري، حيث عقد مجلس الأمن جلسته لمناقشة الوضع في مصر، وهو ما سيدق ناقوس خطر جديد، يحتم على جميع الأطراف، أن يقدم كل شيء من أجل التنازل من جهته. مصر، هي موقع القلب من الكيانات العربية، وذلك بعدد سكانها، وتراثها الفكري، وتنوعها الثقافي، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. وهي مركز الثقل في القرارات العربية؛ ومن أجل قطع الطريق أمام أي تدخلات خارجية، تستهدف توجيهه لمصالح مغرضة، وتمرير أجندات مشبوهة، قد تكون حاضرة كغايات في أروقة لعبة الأمم المتحدة، وتدفعها أطراف دولية، وإقليمية، فقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حول الأحداث الجارية في مصر؛ لتزيح الضبابية عن سائر أوضاع ما يجري في المنطقة، وما يحاك ضد أمتنا. إنني أدعو كل عاقل، بمختلف توجهاته الفكرية، والسياسية، ألا ينزلق نحو العنف، وأن يدعم قضية الاستقرار في قمة أولوياته، وأن يعلي من المصالح الوطنية، دون الانسياق وراء مدخلات، ومخرجات، تؤثر على وحدة الصف المصري؛ من أجل تجاوز هذه المحنة، وتحقيق خطوة نحو دروب التقدم الإنساني، والرغبة الشديدة في الاستقرار، وإنقاذ الاقتصاد، والإحساس بالأمن، مع ضرورة انتهاج الحوار السلمي؛ لمعالجة أبعاد هذه الأزمة، وتحقيق المصالحة الوطنيَّة على أوسع نطاق، وتجاوز تداعيات الأحداث المؤلمة، وتوفير المناخ المناسب لمشاركة جميع المصريين دون إقصاء؛ للانخراط في تنفيذ خريطة طريق المستقبل. drsasq@gmail.com باحث في السياسة الشرعية