×
محافظة الرياض

تفاصيل قرارات مجلس الوزراء اليوم الاثنين

صورة الخبر

كأنه «حصْر إرثٍ» أراده الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط «على حياته» في الذكرى 40 لاغتيال والده كمال جنبلاط على يد النظام السوري والتي وجّه فيها مجموعة «رسائل مشفّرة» برسْم اللحظة «الانتخابية» التي يعيشها لبنان كما مستقبل طائفة الموحّدين الدروز والزعامة الجنبلاطية بأفقها الواسع تحت سقفٍ محلي عنوانه «مصالحة الجبل» (المسيحية - الدرزية) والحوار، وخارجيّ عنوانه «فلسطين والعروبة».بلغة «أوصيكم» خاطب «وليد بك» عشرات الآلاف من مناصري «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذين «زحفوا» أمس الى معقل زعامته في المختارة لتأكيد الوفاء لـ «المعلّم» (كمال جنبلاط) و«الولاء» لجنبلاط الابن كما الحفيد، أي تيمور، الذي أَلبسه والده كوفية الزعامة الجنبلاطية في مستهلّ الطريق لتولّي أدوار قيادية بدأ «البيك» يورّط نجله فيها تباعاً وصولاً الى قرار اختياره لخوض الانتخابات النيابية المقبلة بديلاً عنه.ولم تكن عابرةٌ سلسلة الإشارات التي أطلقها جنبلاط الأب (مواليد 7 اغسطس 1949) وبدت بمثابةِ «خريطة طريق» لابنه (مواليد 1982) الشاب «غير التقليدي» الذي يجمع في شخصيته بين الإرث الزعاماتي الذي يمتدّ بعيداً في التاريخ وبين الحداثة المستمدّة من دراسته في الغرب و«روح العصر»، والذي وجد نفسه يتحضّر لحمْل «شعلة الزعامة» من خارج «لعنة الاغتيال» و«حلقات الدم» ولعبة «القدَر» التي جعلتْ والده يحمل على كتفيه «عباءة ملطخة بالدم، دم المعلم كمال جنبلاط ورفيقيه حافظ وفوزي، ودم الابرياء الذين سقطوا غدراً في ذلك النهار الأسود المشؤوم» كما أعلن رئيس «التقدمي» في إشارة الى ما أعقب اغتيال والده من مجازر طاولت مسيحيين.والأكيد ان مشهدية المختارة أمس، التي حضر اليها رئيس الحكومة سعد الحريري شخصياً (ولبِس الكوفية) وممثّل لرئيس البرلمان نبيه بري ووفد من «حزب الله» وآخر رفيع من حزب «القوات اللبنانية» وحشد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية بينها القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري، «سدّد» معها جنبلاط العديد من «الأهداف» في مرمى محاولات تحجيمه التي «اشتمّها» من صيغ قوانين الانتخاب التي تُقدَّم ومن عباراتٍ مثل «لا يحقّ لجنبلاط تسمية نواب مسيحيين».وثمة مَن تعاطى مع «الأحد الكبير» في المختارة التي كسرتْ قاعدة الاكتفاء بوضْع وردة حمراء على ضريح «المعلّم»، على أنه رسَم خطاً عريضاً بين ما قبله وما بعده، إذ شكّل إعلاناً «بالفم الملآن» من الحشود الهائلة «نحن هنا» في مواجهة معركة «نكون أو لا نكون» التي يخوضها جنبلاط الذي تفادى في كلمته «الهادئة» أي نفَس تهجّمي على عهد الرئيس العماد ميشال عون، مستخدماً التاريخ كـ «جرس إنذار» وخصوصاً استذكاره «ثوار 1958» في إشارة الى الثورة التي انفجرت بوجه الرئيس كميل شمعون وكانت بذورها بدأت في انتخابات 1957 وقانونها الذي حيك لإسقاط كمال جنبلاط وزعماء آخرين.وفي المهرجان الذي أقيم تحت عنوان «الذكرى الأربعين سيبقى فينا وينتصر»، كانت كبيرة رمزيةُ شعار «ادفنوا موتاكم وانهضوا» الذي رفعه جنبلاط امس تماماً كما فعل قبل 40 عاماً، وفيه حدّد لابنه ومناصريه مجموعة «وصايا» للمستقبل بدءاً بالمصالحة «يوم عقد الراية بين العمامة البيضاء وبين العمامة المقدّسة للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير في أغسطس 2001 هنا في المختارة، فكانت مصالحة الجبل، مصالحة لبنان»، مضيفاً: «بعد اربعين عاماً أوصيكم بأنه مهما كبرت التضحيات من اجل السلم والحوار والمصالحة، تبقى هذه التضحيات رخيصة امام مغامرة العنف والدم او الحرب»، ومتوجهاً الى تيمور: «سر رافع الرأس، واحمل تراث جدّك الكبير كمال جنبلاط، واشهر عالياً كوفية فلسطين العربية المحتلة، كوفية لبنان التقدمية، كوفية الأحرار والثوار، كوفية المقاومين لاسرائيل اياً كانوا، كوفية المصالحة والحوار، كوفية التواضع والكرم، كوفية دار المختارة. واحضن (شقيقك) اصلان بيمينك وعانَق (شقيقتك) داليا بشمالك. وعند قدوم الساعة ادفنوا أمواتكم وانهضوا، وسيروا قدماً فالحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء».وكان جنبلاط استهلّ كلمته قائلاً: «منذ أربعين عاماً سار معي ثوار 58 ورافقتْني العمامة البيضاء في أصعب الظروف ووقف الرجال الرجال في الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، معنا وقاتلوا واستشهدوا. ولولا جيش التحرير الشعبي - قوات الشهيد كمال جنبلاط، لما كنا اليوم وبعد أربعين عاماً هنا في المختارة في هذا الدار، ادفنوا موتاكم وانهضوا. وعلى مدى أربعين عاماً، محطات ناصعة البياض لا خجل منها ولا تردد سطّرناها بالدم مع رفاقنا الوطنيين والاسلاميين والسوريين في إسقاط السابع عشر من مايو والتصدي للعدوان الاسرائيلي والدفاع عن عروبة لبنان. لكن ومنذ أربعين عاما وقع الشرخ الكبير، وقعت الجريمة الكبرى بحق الشراكة والوحدة الوطنية، وسرتُ آنذاك مع الشيخ الجليل نحاول وأد الفتنة، نجحنا هنا وفشلنا هناك، لكن الشر كان قد وقع، فكان قدَري ان احمل على كتفي عباءة ملطخة بالدم (...)».وبعد إلباس تيمور الكوفية، صدح نشيد «موطني» للشاعر الفلسطيني الراحل إبراهيم طوقان وسط تَفاعُل «المدّ البشري» الذي تَقاطر الى المختارة من كل الجبل حاملاً أعلام «التقدمي» وصور «المعلّم» في ما بدا انه «انتفاضة ناعمة» وضعتْ الآخرين امام سؤال: «الى أين».