في حي السويدي وفي رابعة النهار وأمام حشد كبير من الناس ارتفع صوت الضحية عالياً وانطلق يجري في الشارع لايلوي على شيء سوى النجاة بنفسه من قاتل بشع ومجرم متمرس أبى إلا أن يختطف روحه عنوة وأمام الجميع وبشهادة الجميع أيضاً ، ولكونه أراد لجريمته هذه أن تكون مدوية فقد اختار أن تكون بهذه الطريقة وأن يتم تنفيذها بأشد أنواع القتل بشاعة وإجراماً حيث أنهال بساطور الإجرام يغرزه في جسد الضحية بكل وحشية وبشاعة. كانت الجريمة صادمة للمجتمع بدون أ دنى شك ، ولكن الصدمة الكبرى أتت عندما وقف العشرات ممن حضروا وقائع هذه الجريمة المنكرة مكتوفي الأيدي صامتين كالأصنام ، متبلدي الإحساس ينظرون إلى هذه الأحداث وكأنهم يشاهدون فيلماً سينمائياً ، وقد تلاشت النخوة والمرؤة من جيناتهم وتجمدت الدماء برودة في عروقهم ، ومما يزيد الأمر حسرة وأسى هو قيام البعض وبكل برودة أعصاب بتصوير هذه الجريمة حباً في الحصول على عدد كبير من علامات الإعجاب وزيادة عدد المتابعين عندما يرفع المقطع على اليوتيوب. ولاشك أن هذا التصرف لم يكن وليدة اللحظة بل هو نتيجة لتراكمات مجتمعية عديدة أفرزتها عوامل متعددة فما يعرض عبر وسائل الإعلام المختلفة صباحاً ومساءً من أخبار الصراعات الدموية من قتل وقطع للرؤوس واستخفاف بالدماء ، وتركيز الطرح الإعلامي على مثل هذه المآسي وبشكل مستمر قد أوجد حالة من التبلد الحسي أمام مثل هذه الجرائم ، كما أن الخوف من المساءلة والخوف من التورط في حيثيات هذه الجريمة يعد أحد هذه الأسباب ، ورغم كل هذا إلا أنني أرى أن هناك أيضاً سبب خفي لايمكن تجاهله وهو النظرة الدونية والسيئة من قبل البعض تجاه العمالة الوافدة فربما أن هذا التصور هو ما تبادر إلى أذهان أولئك الناس عند مشاهدة هذه الجريمة فكان التصور لدى هؤلاء هو أن القاتل لم يُقدم على جريمته هذه وينفذها بهذه البشاعة إلا لأن الهندي المقتول قد عمل جرماً لايمكن السكوت عليه مما جعل البعض يحجم عن المساعدة لأن الهندي في نظرهم يستاهل ماجاه بناءً على هذا التصور المغلوط والذي يجعل الأجنبي دائماً على خطأ من دون أن يتم التحقق من صحة ذلك أو عدمه . لقد كان بإمكان هؤلاء المتجمهرين أن يمنعوا تلك الجريمة أو على الأقل المساعدة في انقاذ الضحية ولكن تلك التصورات المغلوطة والخاطئة وغيرها من العوامل الأخرى كانت بمثابة الحاجز القوي والصخرة الصماء التي منعت هؤلاء من المساعدة وستمنع غيرهم من المساعدة في الجرائم الأخرى المقبلة إن لم يسارع أهل الاختصاص من العلماء والأكادميين ومؤسسات التنشئة الاجتماعية إلى إعادة بناء ماتهشم في دواخل تلك النفوس من أخلاق الإسلام كإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وإعادة غرس قيم التعاضد والتلاحم والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع . رابط الخبر بصحيفة الوئام: جيل الدم البارد