حقق قرار نقابة المحامين الإضراب عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات هدفه، بإيصال رسالته في إرباك عملية التقاضي أمام دوائر الجنايات أمس. وحقق القرار استجابة نسبية معقولة، إذ امتنع غالبية المحامين عن حضور الجلسات التي لا يترتب على الغياب فيها ضرر على المتقاضين. وكانت نقابة المحامين قررت الإضراب عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات لمدة يوم واحد، احتجاجاً على حكم قضائي بحبس زملاء لهم. وفيما قررت غالبية دوائر الجنايات إرجاء المحاكمات، قضت دوائر أخرى ببراءة المتهمين في القضايا المنظورة أمامها، من دون حضور محامين. وقضت محكمة جنايات المنيا قبل أيام بتخفيف عقوبة 9 محامين، 7 منهم موقوفون، من السجن المؤبد 25 عاماً إلى السجن لمدة 5 سنوات لإدانتهم بـ «إهانة القضاء»، على خلفية إغلاقهم قاعة في محكمة مطاي في المنيا في آذار (مارس) من العام 2013، ومنعهم قاضياً من دخولها، لبدء جلسة المحكمة، اعتقاداً منهم أن القاضي يُصدر أحكاماً مشددة بحق موكليهم. واتهم القاضي المحامين بسبه ومنعه من ممارسة عمله، وإهانة السلطة القضائية. وتنازل القاضي عن شكواه وأقر بالتصالح أمام محكمة الجنايات في جلسة إعادة محاكمتهم، لكن المحكمة قضت بسجنهم 5 سنوات. وشكلت نقابة المحامين غرفة عمليات لمتابعة الالتزام بالإضراب، وحضر في كل محكمة جنايات إقليمية عضو من النقابة الفرعية لتسجيل مخالفات المحامين للقرار. لكن لم يتسن تحديد مدى الاستجابة للقرار بدقة، في ظل آلياته، إذ طلبت النقابة من المحامين عدم تسجيل إضرابهم في محاضر الجلسات على مستوى الجمهورية، والاكتفاء بالغياب عن حضور الجلسات، ربما لتجنب صدور أحكام ضد المتقاضين، والدفع في اتجاه إرجاء الجلسات، بالنظر إلى النص القانوني المُلزم بعدم محاكمة المتهمين أمام الجنايات إلا في وجود دفاعهم، حتى أنه في حال عدم وجود محام عن المتهم يُلزم القانون المحكمة بمخاطبة نقابة المحامين لانتداب محام للدفاع، لذا فضلت النقابة غياب المحامين وعدم تسجيل الإضراب في محاضر الجلسات تجنباً لصدور أحكام. وقال نقيب المحامين في قنا (جنوب مصر) فتحي صويني لـ «الحياة»، إن المحامين التزموا بقرار الإضراب أمام الجنايات بشكل كامل، ولم يحضر أمام دائرتي الجنايات في مدينتي نجع جمادي وقنا أي محام، وأرجأ القضاة كل القضايا، لافتاً إلى أن المحامين سيحضرون أمام الجنايات اليوم، بانتظار قرار النقابة العامة للمحامين في ظل محاولات حل الأزمة الحالية. وستعقد النقابة العامة مؤتمراً عاماً بحضور النقابات الفرعية في المحافظات في 25 آذار (مارس) الجاري لمتابعة قضية محامي مطاي وأيضاً حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء إجراءات القيد الجديدة التي أقرها مجلس نقابة المحامين، وأخيراً مسألة خضوع المحامين لضريبة القيمة المضافة. وقال نقيب المحامين في دمياط (شمال مصر) ياسر أبو هندية لـ «الحياة»، إن محامي دمياط التزموا بقرار الإضراب، وأرجأت كل قضايا الجنايات في المحافظة. وذكرت صحف ومواقع إلكترونية مصرية أمس، أن دوائر الجنايات في غالبية المحافظات شهدت توقف العمل فيها، في ظل غياب المحامين عن حضور الجلسات، وأن معظم الدوائر القضائية أصدرت قرارات بإرجاء الجلسات، حتى من دون اعتلاء المنصة. أما بخصوص محاكم مجلس الدولة ومحاكم الجُنح وأيضاً محكمة النقض، فشهدت انتظاماً في العمل، إذ اختارت نقابة المحامين عدم التصعيد منذ البداية وقصرت الإضراب على محاكم الجنايات التي لا يترتب على غياب المحامي أمامها ضرر بالغ على المتقاضين، ويظل الأمر في حدود إرجاء الجلسات من دون صدور أحكام. من جهة أخرى، قضت محكمة النقض في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة، ببراءة 18 طالباً جامعياً من المنتمين لجماعة «الإخوان المسلمين»، المُصنفة إرهابية في مصر، في قضية اتهامهم باقتحام مقر جامعة المنصورة وارتكاب أعمال عنف وبلطجة وتخريب لمنشآت الجامعة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2013. وكانت محكمة جنايات المنصورة عاقبت المتهمين في إعادة محاكمتهم، بأحكام بالحبس والسجن تراوحت ما بين عامين و5 أعوام، فطعن الطلاب المحكوم عليهم للمرة الثانية والأخيرة أمام محكمة النقض، التي قضت بإلغاء العقوبة ونظر موضوع القضية بمعرفتها، لتنتهي في ختامها إلى براءة المتهمين. في غضون ذلك، أحالت نيابة شرق القاهرة الكلية 130 متهماً من المدرجين في قوائم الإرهاب على نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم بمعرفتها. وكانت نيابة شرق القاهرة استدعت عشرات من المدرجين على قوائم الإرهاب للتحقيق في اتهامهم بتمويل جماعة «الإخوان» والانضمام إليها والتحريض ضد مؤسسات الدولة، كان من بينهم نجلا نائب مرشد الجماعة الموقوف خيرت الشاطر، وأزواجهن، وأفراد أسرة المرشد السابق مهدي عاكف، وعدد من رجال الأعمال البارزين. وخلصت النيابة إلى إحالتهم جميعاً إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم مُجدداً، لاختصاصها بنظر الاتهامات محل التحقيق. وأدرجت محكمة جنايات القاهرة نحو 1400 شخص على قوائم الإرهاب من بينهم الرئيس السابق محمد مرسي ولاعب كرة القدم الشهير محمد أبو تريكة.