أكد الباحث البريطاني والأكاديمي بجامعة "كيب تاون" في جنوب أفريقيا ياسين داتون أن أكثر المستشرقين الذين زاروا الجزيرة العربية كانوا جواسيس لبلادهم وأنهم تنكروا شكليا لمخالطة العرب والتنقل بين قراهم ومدنهم، مبيناً أن التنكر وحب الاستطلاع تفاقما بعد أن أدى من المستشرقين الغربيين فريضة الحج ، وهو ما كشفته الوثائق السرية العسكرية التي أزيح النقاب عنها أخيرا بعد انتهاء مدة سريتها البالغة حسب القوانين في بعض الدول 30 عاماً. وقال داتون في ندوة بجامعة طيبة أمس، تحت عنوان "المدينة المنورة في عيون المستشرقين" إن أكثر المستشرقين تظاهروا بالإسلام لتسهيل مهامهم التي حضروا من أجلها، وكان إسلامهم مؤقتاً. وعدد داتون بحضور عدد من مؤرخي المدينة بعض المستشرقين الذين كان لهم حضور بارز وألفوا كتباً في رحلاتهم التي عدت من أهم الوثائق الغربية فيما بعد من بينهم "كالدون بارتر" و"آرثر بيل". وأضاف أن أكثر المستشرقين الذين زاروا المدينة ذكروا في كتبهم التمر المديني والمساجد ومن ضمنها المساجد السبعة، وقباء والميقات وجبل أحد وبقيع الغرقد وعددا من الآثار فيها، كما كتبوا عن مكة المكرمة أكثر من كتابتهم عن المدينة، حيث لم تتجاوز الكتابات عن المدينة سوى صفحتين. وشن عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة الدكتور سليمان الرحيلي هجوماً على المستشرقين الذين لم ينصفوا في وصف المدينة المنورة وسكانها -على حد قوله- والذين جانبوا الصواب وبالغوا في وصفهم لسكانها بصفات غريبة، واصفاً الرحالة المستشرقين بأنهم محدودي الفكر، كما لم يخف بعض المستشرقين كراهيتهم وحقدهم في مؤلفاتهم متجاوزين أدب التأليف والنقل. وأضاف الرحيلي أن الأجانب المستشرقين لهم أهداف وغايات وبعضهم لهم علاقة بالاستعمار، وأن أكثر الرحالة تسموا بأسماء مستعارة إسلامية لتسهيل مهامهم وتنقلهم وفي الحقيقة هم جواسيس. واستشهد بالإيطالي "فيكو فارتيما" الذي ذكر في مؤلفاته أخطاء كثيرة. وأضاف أن الرحالة نقلوا تصورات خاطئة عن المدينة المنورة لبلادهم، وكانوا متحيزين تحيزاً شديداً. حيث اتهموا أهالي المدينة المنورة في كتبهم بضعف الخيال، وقلة الإبداع، والتخلف. واتهم الرحيلي المستشرقين بأنهم أخذوا الحد الأدنى من اللغة العربية التي لم تساعدهم في تحري الدقة في وصف للمدينة، كما أنهم وقعوا في الكثير من الأخطاء، وحرفوا الكثير من المسميات. وختم الرحيلي حديثة بقوله يجب أن نعري اتهامهم لنا، ولديننا، ولحضارتنا، ولابد من إبراز الحقيقة، والآن هو الوقت للرد عليهم وتصحيح الصورة عن طريق العلم ومن خلال قسم الاستشراق بالجامعات. فيما ذهب الدكتور تنيضب الفايدي إلى أن المستشرقين كانوا لا يعتمدون على مصادر موثوقة في جمع المعلومات حيث كانوا يأخذونها من الأهالي الأميين، حسب تعبيره.