×
محافظة المنطقة الشرقية

دعم المواطن دافع التدخل الإماراتي في اليمن

صورة الخبر

يمثل انتشار خطاب التضامن مع الفلسطينيين عالميا ودخوله الفضاءات الأكاديمية وصولا إلى أروقة الأمم المتحدة تحديا لقادة الدولة الصهيونية.العرب سلام السعدي [نُشر في 2017/03/18، العدد: 10575، ص(9)] تعطلت أدوات المقاومة لدى الفصائل السياسية الفلسطينية. ومعها أصبح رد فعل المجتمع الفلسطيني على عملية الإبادة التي يتعرض لها يكاد يقتصر على تنفيذ هجمات فردية عشوائية في ما عرف بعمليات السكاكين أو عمليات الدهس. وإن كانت تلك الهجمات تعبر عن روح المقاومة لجيل فلسطيني جديد نشأ في ظل الاحتلال، لكنها تظهر غياب أي أفق نضالي للتحرر الوطني الفلسطيني، وانتشار الإحباط من انعدام أو ضعف فعالية وسائل النضال المتاحة. في ظل هذا المشهد، جاء التقرير الأخير للأمم المتحدة والذي وصف سياسات إسرائيل بأنها تشكل نظام فصل عنصري، ليؤكد على أهمية حركات التضامن العالمية كشكل نضالي يكتسب فاعلية متزايدة. ويعتبر تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) نصراً على المستوى الدولي لصالح القضية الفلسطينية، خصوصاً أنه احتوى على شرح موسع لتلك السياسات التي جرى تشبيهها بما كان يمارس في جنوب أفريقيا، وقال التقرير إنها تهدف إلى “إقامة وإدامة هيمنة فئة عرقية ما من البشر، على أي فئة أخرى واضطهادها بصورة منتظمة”. وأورد التقرير أمثلة كثيرة منها سياسات تقييد فرص العمل الخاصة بالفلسطينيين، تعمّد تقديم مستوى متدن من الخدمات في الأحياء العربية، التمييز في تقديم خدمات التعليم والصحة وحقوق الإقامة ورخص البناء. أما الشكل الأقسى لتلك الممارسات العنصرية، بحسب التقرير، فتمثل في طرد الفلسطينيين من أراضيهم ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وعزل مناطقهم بجدران وحواجز عسكرية. وأخيراً وضع التقرير منع عودة اللاجئين الفلسطينيين في خانة سياسات الأبارتهايد على اعتبار أن التبرير الإسرائيلي لذلك عنصري ويرتبط برغبة إنشاء دولة دينية تقصي المختلفين. يمكن نسب هذا الإنجاز إلى انتشار حركات التضامن وبشكل خاص حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمار. لكنه في الحقيقة ثمرة عمل متواصل استمر طيلة العقود الثلاثة الماضية، وانطوى على ثلاثة تطورات هامة وصلت بخطاب التضامن مع الفلسطينيين إلى هذا المستوى من الفاعلية. بدأت حركات التضامن مع فلسطين شق طريقها على المسرح الدولي في ظل الانتفاضة الأولى عام 1987. وشهدت القفزة الأولى في ظل الانتفاضة الثانية عام 2000 حيث كانت وسائل الاتصال قد تطورت بصورة كبيرة. في السنوات التي تلت الانتفاضة الثانية تزايد نشاط منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية حول العالم. وشكلت تلك المنظمات قوة حيوية أسفرت عام 2005 عن تطور جديد تمثل في إطلاق حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات لزيادة الضغوط على دولة الاحتلال. وحتى ذلك الوقت ظل هذا النشاط التضامني محصورا في شبكات الناشطين اليساريين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، إذ لم يتمكن من اختراق الأوساط الأكاديمية. على المستوى الأكاديمي، لم يكن انتقاد إسرائيل شائعاً وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو عام 1993 وانخراط منظمة التحرير في المفاوضات وتأسيس السلطة الفلسطينية حيث أضفى ذلك انطباعا بوجود طرفين متكافئين. أدّى ذلك إلى انتشار موقف يدعي الحياد والموضوعية بين طرفي الصراع. وبدا الأكاديميون مهتمين بإيجاد وسائل تقنية وحيل للتوصل إلى أي شكل من أشكال التسوية السياسية. جرى تجاهل متعمد للمسألة الأخلاقية المتمثلة في ممارسات الإبادة والتغيير الديموغرافي بحق الطرف الأضعف، بحجة أن التوصل إلى نتيجة “علمية” أو “موضوعية” يقتضي تجنب الدخول في الجانب الأخلاقي. التطور الثالث حدث في السنوات العشر الماضية، حيث وصلت موجة التضامن مع فلسطين إلى الوسط الأكاديمي الغربي. تحولت شريحة ذات وزن من الأكاديميين في أوروبا وأميركا إلى تبني موقف أخلاقي من المسألة الفلسطينية. أصبح هنالك إدراك بأن الفلسطينيين هم الطرف الذي يجري اضطهاده بشكل مريع وهو ما يتطلب إبراز موقفه السياسي، وتبني موقف أكثر راديكالية مما كان يجري سابقاً. من هنا ظهر تحليل جديد للدولة الإسرائيلية تركز على طابعها الاستيطاني العنصري الرافض للحلول والمنتج للاضطهاد والظلم بشكل متواصل. يمثل انتشار خطاب التضامن مع الفلسطينيين عالميا ودخوله الفضاءات الأكاديمية وصولا إلى أروقة الأمم المتحدة تحديا لقادة الدولة الصهيونية. ولكن انتشار الرؤية السياسية الجديدة التي يحملها في طياته تمثل كابوساً حقيقيا لدولة الفصل العنصري خاصة في ظل انهيار حل الدولتين. كاتب فلسطيني سوريسلام السعدي