شددت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي على أهمية وحدة بلادها في كلمة لها لأعضاء حزب المحافظين، الذي ترأسته أمس الجمعة، بعد يوم من رفض دعوات لإجراء استفتاء بشأن استقلال اسكوتلندا. وفيما تستعد بريطانيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قالت ماي للمؤتمر الحزبي في مدينة كارديف إنه «سيتعين عليها دائما الكفاح من أجل الحفاظ على تلك الوحدة الثمينة»، وتلك هي فرصة لإقامة «دولة موحدة أكثر... ويجب أن نتعاون معا كشخص واحد وننجح معا... إننا أربع دول، لكن في القلب شعب واحد». واتهمت ماي الحزب الوطني الاسكوتلندي بأن لديه «رؤية ضيقة الأفق»، فيما يتعلق بقضية استقلال اسكوتلندا، موضحة أنه يقف وراء «توجيه» دعوات جديدة من أجل إجراء تصويت. وكانت تيريزا ماي قد ذكرت أول من أمس أن «الوقت غير مناسب» الآن لمناقشة استفتاء على استقلال اسكوتلندا؛ لأنه قد يعرض للخطر مفاوضات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي. وكانت الوزيرة الأولى الاسكوتلندية نيكولا سترجيون، قد أعلنت يوم الاثنين الماضي أنها ستسعى للحصول على موافقة البرلمان الاسكوتلندي الأسبوع المقبل لتصويت ثان بشأن ما إذا كان ينبغي على اسكوتلندا الانفصال عن بريطانيا. لكن ماي قالت في مقابلة مع قناة «آي تي في» التلفزيونية إن مناقشة استفتاء اسكوتلندي ستؤدي إلى صرف الانتباه عن مفاوضات بريطانيا المرتقبة مع الاتحاد الأوروبي. وأضافت ماي أنه «فقط عند هذه النقطة يجب أن تتركز كل طاقاتنا على مفاوضاتنا مع الاتحاد الأوروبي حول علاقتنا في المستقبل. وأن نتحدث عن استفتاء على الاستقلال يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا من أن نتمكن من الحصول على اتفاق مناسب لاسكوتلندا، والاتفاق الملائم للمملكة المتحدة». وتابعت موضحة: «يجب علينا أن نعمل معا، لا أن نتفكك. الآن ليس الوقت المناسب». وفي رد عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قالت سترجيون إن رفض استفتاء ثان سيكون «غير ديمقراطي»، وإن حزبها الوطني الاسكوتلندي لديه تفويض واضح للدعوة إلى استفتاء جديد. وبعد أن وجدت ماي نفسها الاثنين في موقع دفاعي عن وحدة أراضي المملكة بعد طلب الحكومة الاسكوتلندية السماح لها بإجراء استفتاء جديد حول الاستقلال، اضطرت كذلك إلى العدول عن إصلاح أساسي في موازنتها السنوية التي قدمتها قبل سبعة أيام فقط، وذلك إزاء الاعتراض الصاخب لنواب من حزبها، مما أبرز هشاشة موقفها، وأثار تساؤلات حول قدرتها على قيادة المفاوضات المعقدة لعملية «بريكست». ويقول توني ترافرز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة «لندن سكول أوف إيكونوميكس»، إن «موقفها أضعف بكثير مما يظهر في استطلاعات الرأي». وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى تقدم ماي بنحو 20 نقطة، إلا أن ذلك مرده، خصوصا، إلى انقسام المعارضة العمالية الهشة. كما أنها لا تتمتع سوى بغالبية ضئيلة في مجلس العموم. ومع أن وزير المالية البريطاني فيليب هاموند تخلى عن زيادة مقررة للمساهمات الاجتماعية للعاملين المستقلين، تفاديا لرفضها من قبل النواب المحافظين المعارضين، فإن ذلك انعكس سلبا إلى حد كبير على ماي. وتساءلت مجلة «ذي سبكتيتور» المحافظة: «إذا أخفق المحافظون في الموازنة، فكيف سيتولون إدارة بريكست؟»، معتبرة أن «العواصم الأوروبية راقبت هذا الفشل الذريع بقلق... وإذا رضخت حكومة تيريزا ماي للضغوط، فإن خصومها في مفاوضات بريسكت سيمارسون ضغوطا». ويضيف ترافرز: «هناك مخاطر بأن يشهد هذا الأسبوع ضغوطا من قبل مجموعات من النواب على (ماي) لأنهم يعتقدون أن بوسعهم الحصول على ما يريدونه». ورغم أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جمع أكبر عدد من المؤيدين في استفتاء 23 يونيو (حزيران) الماضي، فإن الانقسامات القديمة إزاء أوروبا لا تزال موجودة في صفوف المحافظين، بين مشككين يريدون قطيعة تامة مع بروكسل ومؤيدين للاتحاد لم يستوعبوا بعد فكرة الخروج منه. ومن المفترض أن تطلق ماي عملية الانفصال في الأسبوع الأخير من مارس (آذار) الحالي، قبل انتهاء المهلة التي حددتها في 31 منه. وإضافة إلى هذه التحديات طرأت معضلة أخرى أول من أمس على صعيد نفقات الحملات الانتخابية للمحافظين، وذلك بعد أن فرضت اللجنة الانتخابية غرامة قياسية على الحزب؛ لأنه قلل من تقديرها إلى حد كبير، كما قامت الشرطة باستجواب ثلاثة نواب من الحزب.