تقول الصحافية الأميركية ميت بربل تعليقاً على التخبط الأوروبي في السياسات الدولية بأن كل ما يستطيع الغرب فعله هو إزاحة زعيم حليف للروس واستبداله بآخر هو أيضاً حليف لهم. ولا يبدو هذا التشبيه ببعيد عن واقع الحال في ليبيا اليوم، حيث الصراع مستمر بين حكومة فايز السراج التي تدعمها واشنطن، والمشير خليفة حفتر الذي كانت تدعمه في السابق. ورغم أن الحرب في ليبيا ليست بتلك الدموية كما هي الحال في سوريا، إلا أن مؤشرات التشابه بين الحالتين بدأت بالبروز. فروسيا التي تدعم الرئيس بشار الأسد في سوريا ليست خجولة في أن يبدو الأمر كذلك تجاه المشير حفتر، وبالتالي تحقق هدفين، أولهما عسكري عبر دعمه حكومة السراج المدعومة من الغرب في موقف الضعيف، وثانيهما عقائدي- في تقديمه كـ»كابوس للإرهابيين«، الذين تم طردهم من بنغازي. وصفة التدخل يرى الدبلوماسي الروسي السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط فياتشلاف ماتوزوف أن موسكو تؤمن بأن حل الأزمة في ليبيا يكمن بتوحيد القوى الوطنية دون تدخل خارجي قد يتسبب بالمنافسة أوالتصادم فيما بينها. ومن هنا فإن القيادة الروسية مهتمة بإيجاد مركز قوى قادر على توحيد المجتمع الليبي، وتعتبر أن البرلمان الذي يرأسه عقيلة صالح والقوات المسلحة الليبية التي يتزعمها المشير خليفة حفتر هما القوة الأنسب للعب هذا الدور. ويرى ماتوزوف أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، ارتكب خطأً جسيماً عندما اختار مارتين كوبلر مبعوثاً إلى ليبيا، والذي سعى عملياً إلى فرض تشكيلته للحكومة الليبية باسم الأمم المتحدة. يضاف إلى ذلك رفض الولايات المتحدة تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثاً أممياً إلى ليبيا رغم إلمامه الدقيق بخصوصية ليبيا وثقافتها والمزاج الشعبي السائد فيها. ويؤكد الخبير الروسي أن موسكو على علم بوصول أسلحة بشكل غير شرعية إلى حلفاء السراج رغم الحظر المفروض وبذرائع مختلفة. تفاهم روسي أميركي بدوره يشدد المحلل السياسي الروسي، فلاديمير كوشل، على حاجة موسكو إلى موقف موحد وتنسيق بين الدول العربية لا سيما المحيطة تجاه الحل في ليبيا، ويحذر من أية خطوات روسية أو أميركية لتنظيم دوائر سياسية أو عسكرية للسيطرة على السلطة هناك. ويميل كوشل إلى حتمية تبلور تفاهم روسي أميركي في هذا الإطار، خلافاً لبعض المواقف الأوروبية السلبية كتصريح وزير الدفاع البريطاني الذي دعا إلى وقف التدخل الروسي في ليبيا، فيما المواقف اقل حدة من قبل فرنسا وإيطاليا اللتين تملكان قواعد عسكرية على الشواطئ الليبية، وما تعتبره موسكو موقفاً سلبياً من الحكومة التركية التي تقدم الدعم العسكري والمالي لجماعات مسؤولة عن تدهور الأوضاع في ليبيا. ومع ذلك يؤكد أن الدور الأوروبي سيكون ثانوياً لأنه سيبقى يدور في فلك السياسة الأميركية. أما التفاهم الروسي الأميركي الذي يتوافق مع رؤية عربية موحدة لمستقبل ليبيا فإنه سيكون الحاسم. وفيما تبقى عين موسكو على تأمين حضور عسكري في المتوسط توازيه عقود للبناء والتسليح والتنقيب عن النفط في ليبيا، فإن السؤال يبقى إذا ما كان ترامب الذي يتحدث عن الانتصار على داعش والإرهاب مستعدا لإعطاء جزء من هذا الدور لروسيا، وأن تكون ليبيا هي الخطوة الأولى على هذا الطريق. نشاطات يشير المحلل الروسي فياتشلاف ماتوزوف إلى نشاطات مشبوهة لأشخاص متورطين في قيادة وتوجيه جماعات إرهابية كعبد الحكيم بلحاج الذي يعمل في تونس كرجل أعمال، ويحاول أنصاره الانضمام إلى حكومة السراج، ما يجعل من رفض إشراك الجماعات الإرهابية في العملية السياسية أمراً مفهوماً ويجب أن يحظى بتأييد دولي.