تسابقت الجامعات السعودية مؤخرا نحو التوسع في تأسيس الأوقاف الضخمة وتشييدها والتسويق لها مستندة في ذلك إلى ما أتاحه نظام مجلس التعليم العالي من تخصيص الأوقاف كأحد الموارد المالية للجامعات السعودية كما في الفقرة (18) من المادة العشرين «قبول التبرعات والهبات والوصايا وغيرها على ألا تتعارض مع الغرض الأساسي الذي أنشئت من أجله الجامعة». كما نصت المادة الثالثة والخمسون على أن من ضمن إيرادات الجامعة الأوقاف كما في الفقرة (2) «التبرعات والمنح والوصايا والأوقاف». وقد نصت الفقرة (ب) من المادة الرابعة والخمسون: على أن «لمجلس الجامعة قبول التبرعات والمنح والوصايا والأوقاف الخاصة بالجامعة كما يجوز له قبول التبرعات المقترنة بشروط أو المخصصة لأغراض معينة إذا كانت الشروط أو الأغراض تتفق مع رسالة الجامعة وتدرج هذه التبرعات في حساب مستقل تصرف في الأغراض المخصصة لها وفقا للقواعد التي يضعها مجلس التعليم العالي»، وأكدت المادة الثانية من اللائحة المنظمة للشؤون المالية في الجامعات كما في الفقرة (ب) على أن من ضمن إيرادات الجامعة «التبرعات، والمنح، والوصايا، والأوقاف». ونصت المادة الثامنة والأربعون من اللائحة المنظمة للشؤون المالية في الجامعات على أن «لمجلس الجامعة، قبول التبرعات، والمنح، والوصايا، والأوقاف، الخاصة بالجامعة، كما يجوز له قبول التبرعات المقترنة بشروط، أو المخصصة لأغراض معينة، إذا كانت الشروط، أو الأغراض، تتفق مع رسالة الجامعة، وتدرج هذه التبرعات في حساب مستقل يصرف منه للأغراض المخصصة لها وفقاً للقواعد الآتية:- 1 - تودع هذه التبرعات في حساب مستقل باسم الجامعة في مؤسسة النقد العربي السعودي، أو أحد البنوك المحلية، على أن يدور رصيد هذا الحساب سنويا. 2 - يتم تقييم الأصول، والأعيان المتبرع بها حال استلامها. 3 - تسجل جميع التبرعات، والمنح، والوصايا، والأوقاف، في سجل خاص. 4 - يكون الصرف من التبرعات، والمنح، والوصايا، والأوقاف، وفقا للقواعد الآتية:- (أ) إذا كان التبرع، أو المنحة، أو الوصية، أو الوقف نقدا، أو عينا، وحدد المتبرع طرق الاستفادة منه فتصرف في الأغراض المحددة من قبل المتبرع. (ب) إذا كان التبرع، أو المنحة، أو الوصية، أو الوقف، نقدا، أو عينا ولم يحدد المتبرع طرق الاستفادة منها، يحدد مجلس الجامعة طرق الاستفادة منها. (ج) يتم الصرف من الحساب المستقل بموجب مستندات رسمية، ويخضع لرقابة المراقب المالي. 5 - يتم الصرف من الحساب المستقل بموافقة مدير الجامعة في حدود مليون ريال، وما زاد عن ذلك يكون لمجلس الجامعة. 6 - على المراقب المالي فحص، ومراجعة السجلات الخاصة بالتبرعات، والمنح، والوصايا، والأوقاف، والحساب المستقل، دوريا، ورفع تقرير بذلك لمدير الجامعة. 7 - على مراجع الحسابات في نهاية كل سنة مالية، التأكد من تسجيل الأصول، والأعيان، المتبرع بها ضمن موجودات الجامعة حسب القواعد المحاسبية المتعارف عليها، ويرفع بها تقرير لمجلس الجامعة». وكما هو متقرر فإن الوقف مال خرج من ذمة صاحبه لمصلحة الغير وبالتالي لابد من شخص يرعاه من أجل ضمان بقائه واستمراره صالحا نافعا، فناظر الوقف له دور رئيس في إدارة أموال الوقف، وجرى العرف القانوني على أن الشخص الاعتباري لا بد له من شخص طبيعي يمثله وبالتالي فإن ناظر الوقف هو الممثل القانوني للوقف. فنظارة الوقف تشكل صورة من صور الولاية الخاصة وقد أصبحت إدارة الوقف تدفع في الأصل إلى وزارة الأوقاف، وهذا ما تضمنته كثير من التشريعات في عالمنا العربي والاسلامي أما في المملكة العربية السعودية فالولاية على الوقف منوطة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أو بالواقف أو المحبس أو الحاكم الشرعي. وأوقاف جامعاتنا السعودية التي تنامت وأصبحت تقدر بالمليارات أسندت إدارتها إلى مجالس نظارة مستقلة رشحها الواقفون، فهي تعمل في فلك ما أشير إليه من قواعد نظامية تضمن استقلاليتها، وبالتالي فما يتداوله البعض من محاولة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ضم هذه الأوقاف لتكون ضمن الأوقاف العامة التي تخضع لنظارة الوزارة غير سائغ شرعا لتعارضه مع القاعدة الفقهية «شرط الواقف كنص الشارع»، إضافة إلى تعارضه مع ما منحه النظام للجامعات من استقلاليتها في إدارة أوقافها وفق ما أشير إليه، وحسما لما قد يقع من لبس في هذا الموضوع الجوهري لعل وزارة التعليم العالي تتصدر لتحصين أوقاف الجامعات وذلك بالتنصيص على استقلالية نظارتها بيد الجامعات منعا لما قد يطرأ من تدافع في موضوع الاختصاص الولائي خصوصا أن تنظيم الهيئة العامة للأوقاف لازال قيد الدراسة بمجلس الشورى. * رئيس قسم الدراسات الإسلامية - جامعة سلمان بن عبدالعزيز