إتفقنا على وجود ضعف متأصل في المواكبة الإعلامية للأحداث المهمة في المملكة، وهو ضعف تأكد بشكل واضح خلال تجربة وسائل الاعلام التقليدية والإلكترونية في تأدية دورها المهني حيال عملية (عاصفة الحزم) وتلبية المتطلبات الإعلامية المحيطة بمختلف أبعادها العسكرية والسياسية والاستراتيجية.حين ننظر إلى الجانب الثقافي المتعلق بمحدودية إدراك الإعلاميين –أفراداً أو مؤسسات- لأهمية العاصفة وشخصيتها الاعتبارية وتأثيرها المرحلي والتاريخي، فسنجده جانب جدير بالمزيد من التعزيز بجهود ذاتية بالدرجة الأولى، من خلال الاتجاه لمزيد من القراءة والاطلاع وفهم المتغيرات الزمنية وتعميق الانتماء الوطني كضرورة حتمية من أجل إرساء أمن الوطن واستقراره من ناحية، ومن ناحية أخرى للتعبير عن حضوره ودوره الإقليمي والدولي بالشكل اللائق به، وهو تعبير لا يتطلب المجاملة، ولله الحمد، بقدر ما يتطلب معرفة الحقيقة وقولها فقط.أما الجانب التطبيقي المرتبط بضعف تأهيل الكفاءة البشرية في الإعلام أو حتى قلة الأدوات المهنية والقدرات الاحترافية، فهو جانب يمكن التغلب عليه، بإرساء منظومة مؤسسية فعالة، تستمد من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان القوة الإدارية الحازمة والقرارات السريعة النوعية، ومن ثم تتجه نحو تقديم الحلول المتخصصة وهي حلول مختلفة في طبيعتها ومسؤولياتها ولكنها جميعا تصب في هدف إعلام مؤثر يواكب فعلاً مؤثراً تقوم به دولة مؤثرة.من أجل (عاصفة حزم إعلامية)، نحتاج إلى صحفيين متخصصين أو يملكون دراية كافية بالشأن العسكري والاستراتيجي، ويملكون قدرة طرح الأسئلة الفنية والتفكير الناقد القادر على إنتاج معرفة مفيدة أو معلومة جديدة، وهنا يأتي دور كليات الإعلام بالتعاون مع الخبراء في المؤسسات العسكرية والأمنية.5 / 5كما نحتاج إلى تحالف بين المؤسسات الإعلامية الكبرى في صياغة رؤية موحدة تتكامل فيها الخبرات مع دور الإعلام الحكومي، وتضع خطة واضحة لتغطية الأحداث بشكل كمي ونوعي يسهم في إيصال الحقيقة للمتلقي، وفي سد الفجوات التي يملأها الإعلام المعادي، ولا أظن أن تحالفاً كهذا يمكن أن يصعب على دولة استطاعت بناء تحالف عربي وإقليمي في مجال أكثر تعقيداً ونجحت في إدارته على أعلى معايير الدقة والانضباط والتنظيم.عاصفة الحزم الإعلامية تتطلب كذلك وجوداً ميدانياً على الأرض، وتقارير حية من الحدود الجنوبية أو حتى من الداخل اليمني، كما تتطلب عملاً استقصائياً يستفيد من خبرات الإعلام العالمية في التعامل مع هكذا ظروف ، ويتلمس مصدر المعلومة ويحللها ويتحكم بها ويحميها من اجتهاد التخمين واستغلال المغرضين، والحقيقة أن النجاح الإعلامي لن يتوقف هنا بل يحتاج كذلك أن يتلمس الجانب الإنساني في الأزمة اليمنية وقلب الطاولة على الحوثيين الذين يحاولون تسخير هذا الجانب لكسب تأييد الرأي العام ، لا بد كذلك من إدراك أن الإعلام الرسمي للشرعية السياسية في اليمن قد تم اختطافه واحتلال قنواته، ولابد أن نتيح له نوافذ إعلامية مستمرة تعيد صوته وخطابه إلى قلوب وعقول الشعب اليمني وتبعث فيهم الأمل بمستقبل آمن جديد لكي لا تصبح السعادة في بلدهم مجرد وصف مجازي فقط.الرأيكتاب أنحاءنايف العلياني