عندما يضطر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، الذي بقي يمسك العصا من منتصفها، وبحرص شديد بالنسبة لإيران، إلى "الانفجار" دفعة واحدة، ويقول أكثر كثيراً مما يمكن أن يقال، بالنسبة للتجاوزات الإيرانية التي تعدت كل الحدود في هذه المنطقة، والتي وصلت إلى حد التمدد الاحتلالي في العديد من الدول العربية والادعاء بأن قرارات هذه الدول أصبحت في يدها، وأنها إضافة إلى هذا تسعى لقواعد بحرية لها على شواطئ المتوسط الشرقية، فإن هذا يعني أنه لم تعد هناك إمكانية لبعض الصمت العربي على ما يفعله الإيرانيون في العراق وفي سورية وفي اليمن وفي لبنان وأيضاً في فلسطين... في غزة حيث بعد انقلابها العسكري عام 2006 أقامت "حماس" لهم دويلة مشاكسة مسلحة، وهذا أعلنه محمود الزهار الذي يعتبر نفسه جنرال "كتائب القسام" مرات عدة وبوضوح لا لبس فيه. لقد قال أحمد أبوالغيط، المشهود له بأنه دبلوماسي "متزن"، وأنه شحيح حتى حدود التقتير بإطلاق "التصريحات" التي تتناول مشاكل هذه المنطقة التي أصبحت مع وصوله إلى هذا الموقع، الذي لا يحسد عليه، "أكثر من الهم على القلب"، كما يقال إن لإيران أهدافاً أربعة هي: "تصدير الثورة وحماية الوضع القائم في طهران، وتصورها بأن لها الحق في حماية الشيعة العرب، وأن لها الحق في تشييع السنة، وأنها مستعدة لتقديم الكثير من أجل تحقيق أهدافها" هذه وهو قال أيضاً "إن طهران تسعى لزيادة نفوذها في المنطقة وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط"... وكما تمت الإشارة إليه آنفاً. فماذا يعني هذا؟!... إنه يعني في الحقيقة أن دولاً عربية، بقيت تتحاشى الاعتراض علنا وبصوتٍ مرتفع على ما تفعله إيران في هذه المنطقة، وخاصة تدخلها العسكري الذي تواصل الاعتزاز به ولا تنكره في سورية وفي العراق وفي اليمن وفي لبنان، وفي قطاع غزة، أصبحت غير قادرة على المزيد من الصمت والاحتمال، وأن هذا الذي قاله أحمد أبوالغيط، وبكل هذا الوضوح وكل هذه الصراحة، قد قاله باسم بعض هذه الدول إن ليس بأسمائها كلها، وفي مقدمتها مصر، التي كانت من أولى الدول التي عانت كثيراً، والواضح أنها لا تزال تعاني التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية. إنه لا يمكن "تصديق" أن إيران لم تكن وراء بعض العمليات الإرهابية التي تورطت بعض أطراف "حماس" في المشاركة فيها ضد مصر، وأيضاً لا يمكن تصديق أن أطرافاً إيرانية تابعة لـ"حراس الثورة" والجنرال قاسم سليماني غير متورطة فيما يفعله من يسمون أنفسهم "أنصار بيت المقدس"، إن في سيناء وإن في غيرها من الأراضي المصرية، مما يستوجب عدم الاكتفاء بتصريحات الأمين العام للجامعة العربية، التي تستحق الإشادة والتقدير، واتخاذ موقف عربي إن ليس بالإجماع فبالأكثرية، لإفهام هذه الدولة، التي من المفترض أنها جارة عزيزة، أن عليها "أن تكف شرَّها عنا"، وأن تضع حداً للتدخل في شؤوننا الداخلية. إن إيران نفسها لا تنكر هذا بل هي "تتباهى" بأنها تتدخل عسكرياً وبـ "ميليشيات" مستوردة من أربع رياح الأرض في سورية والعراق، وقد جرت مكافأة الأفغانية منها بمنحها الجنسية الإيرانية، ما يعني أنه قد يضطر بعض العرب، وإن ليس كلهم، إلى الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة إن هي نفذت تهديداتها وهاجمت القوات الإيرانية والقوات المتحالفة معها في هذه الدول العربية الآنفة الذكر، والمثل يقول: "كما تدين تدان والبادئ أظلم"!