الثلاثاء 14 مارس/آذار 2017، اعتُقل خبير الخرائط الفلسطيني، خليل توفاكجي، وتعرّض لاستجواب طويل من قِبل السلطات الإسرائيلية، فضلاً عن مصادرة أجهزة مكتبه بالقدس الشرقية، وذلك قبيل إطلاق سراحه في وقت متأخر من اليوم نفسه. في الواقع، اعتادت الشرطة الإسرائيلية الإسراع في الاعلان عن إيقافها عناصر يُشتبه في انتماءاتهم، غير أنها لم تُطنب في التعليق على عملية اعتقالها خليل توفاكجي. علاوة على ذلك، لم تُقدّم الشرطة أي تفسيرات بخصوص مصادرة أجهزة خبير الخرائط كافة وإفراغ مكاتبه بشكل كامل. في المقابل، تم الإفراج عن توفاكجي نهاية يوم الثلاثاء بعد ساعات طويلة من التحقيق، ولكن تم ختم المبنى الذي يعمل فيه، بالإضافة إلى جميع معداته، وفق ما ذكرت صحيفة .أبواب مكتبه ستغلق في هذا الصدد، أكد مكتب جلعاد أردان، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي وعضو الكنيست عن حزب الليكود، أن أبواب المبنى ستبقى مغلقة لمدة 6 أشهر. أما من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية، فاتخاذ إجراء مماثل يُعدّ منطقياً؛ نظراً لأن السلطة الفلسطينية تموّل مؤسسة الدراسات العربية، التي يترأس توفاكجي، البالغ من العمر 65 سنة، قسم دراسات الخرائط فيها. وبالإضافة إلى ذلك، يوجد مبنى المؤسسة في بيت الشرق، وهو المقر الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية بالقدس الشرقية، الذي تم إغلاقه أول مرة خلال الانتفاضة الثانية من قِبل إسرائيل. في ذلك الوقت، بررت السلطات الإسرائيلية سبب غلق المكان، بأن "بيت الشرق قد غطّى أنشطة إرهابية، ما يتعارض مع اتفاقيات أوسلو للسلام لسنة 1993".انتزاع الأراضي الفلسطينية من طرف الحكومة العبرية في الواقع، لا يعرف معظم الأشخاص خبير الخرائط الفلسطيني، توفاكجي. فعلى الرغم من ظهوره في وثائقي شارل إندرلان، "باسم المعبد، الصهيونية ضد السّلام"، فإنه لم يثر اهتمام الكثيرين. وتجدر الإشارة إلى أن هذا العالم المقيم في حي وادي الجوز بالقدس الشرقية، يعتبر شخصاً جدّ مسالم. وقد عُرف بتعلقه، منذ سنوات عديدة، بدراسة امتداد الإحتلال الإسرائيلي في الجزء العربي من مدينته كما في الضفة الغربية، الأمر الذي لم يُعجب الإسرائيليين. وخلال مؤتمر مدريد سنة 1991، الذي كان يهدف إلى حث الإسرائيليين والبلدان العربية على فتح أبواب الحوار بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية، قدّم توفاكجي خرائط تثبت السبل الملتوية التي اتبعتها الحكومة العبرية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، منذ احتلالها في يونيو/حزيران 1967.145 مستعمرة قام توفاكجي بدراسة تطوّرها في وقت لاحق، وبعد 24 سنة بالتحديد، تم استخدام أعمال خبير الخرائط الفلسطيني من قِبل السلطة الفلسطينية لجمع ملف تم تقديمه في يونيو سنة 2015، إلى المحكمة الجنائية العليا. وتجدر الإشارة إلى أن الملف قد استهدف ما لا يقل عن 145 مستعمرة، قام توفاكجي بدراسة تطوّرها بعناية ودقة. وفي هذا الإطار، صرّح خليل توفاجكي: "نريد أن نثبت أن إسرائيل تسعى إلى مخططات أبعد من مجرد تطوير مستعمراتها على أراضينا. فضلاً عن ذلك، إن الهدف من عملنا هو إثبات استخدامها كل الوسائل الممكنة لكسب الأراضي، التي تعتبرها مناسبة أيضاً لخلق الحدائق والمناطق الخضراء والصناعية. أما الجيش الإسرائيلي، فيمنعنا من الدخول إلى أي أراضٍ شاسعة، تحت ذريعة أنها أصبحت مناطق تابعة له وخاصة بتمارين أفراده". يعد خليل مجرد خبير خرائط منعزل على العموم، لم يعد خليل توفاجكي مجرد خبير خرائط منعزل منذ وقت طويل، حيث أصبح يرأس فريقاً متماسكاً يتألف من العديد من الباحثين الفلسطينيين، علماً أن هذا الفريق لا يعمل على الخرائط فحسب؛ بل على صور الأقمار الاصطناعية أيضاً. علاوة على ذلك، يتم توظيف نتائج أبحاثهم لدعم الحجج التي تثبت تورط إسرائيل في أعمال تخالف القانون الدولي، والتي تقدمها السلطة الفلسطينية لكبار الشخصيات الوافدة على الأراضي الفلسطينية، على غرار جيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي الجديد للسلام في الشرق الأوسط، الذي التقى بنيامين نتنياهو يوم الإثنين قُبيل إجراء محادثات مع محمود عباس في رام الله. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Le liberation . للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .