أن تكون منافساً دائماً على البطولات، وتفقد هذه الخصلة بين يوم وليلة فهذا أمر لا يقبله أنصارك، وحين يكون غيابك قصيراً، فيمكن لجماهيرك أن تصبر لتنال العودة المظفرة، أما إن طال غيابك عن موقعك بين الكبار فهذا يعني أنك ستفقد شريحة مهمة من جيل رياضي جديد يتجه للأندية التي تعلقت بالذهب وتعلق بها، وإن أردت إعادة بناء أمجادك فهذه مهمة صعبة وأشبه بالمستحيلة لفريق يلعب تحت ضغوطات متزايدة تقوده إدارة تحارب على جبهات عدة.. لكن هذا لم يكن مستحيلاً مع النصر وهو يضم لقب دوري (عبداللطيف جميل) للمحترفين إلى لقب كأس ولي العهد، فلم يكن أكبر المتفائلين بعودة النصر يتوقع أن يكون سيناريو العودة مشابهاً لما حدث.. لقد كانت رحلة العودة كالحلم الذي أفاق منه النصراويون ليجدوه واقعاً، إذ رفض النصر العودة من باب البطولات الهامشية أو الأقل أهمية، واختار الطريق الأصعب ليجبر الجميع على تحيته، وليبرهن على أن هذه العودة لم تكن ضربة حظ، ولم تكن مجرد استغلال لتراجع منافس أو تراخٍ من قبل الآخرين. شق النصر الصفوف بعتاد يمثل نخبة من اللاعبين السعوديين، خليط من الأسماء الواعدة، الموهوبة، والخبيرة، ودعّم موقفه بالإبقاء على مدرب يعرف جيداً قدرات لاعبيه، يستطيع متى ماشاء أن يعيدهم إلى المسار الصحيح، وأهم من ذلك قدرته على التحفيز وبث الحماس والثقة والروح القتالية في شرايين الفريق، وتمكنه من إعادة اكتشاف عناصر عدة وتطوير أخرى. قبل الموسم، خاطب رئيس النادي عشاق فريقه عبر "تويتر" وتحديداً قبل مواجهة نجران الافتتاحية في الدوري بساعات مطالباً إياهم بالوقوف مع الفريق وأن نجومه سيرسمون البسمة على محيا المدرج (الأصفر)، تجاوبت الجماهير بشكل مميز في أولى المباريات، ظن المتابعون أنه حضور سيتناقص مثلما يحدث كل موسم حين تتراجع النتائج وتتوالى النكسات، لكن الأمر لم يكن كذلك، تصاعدت مستويات الفريق بشكل مذهل، اكتسب الثقة سريعاً، وأكسب أنصاره ثقة أكبر، توافد العشاق إلى كل الملاعب، أسعدوا فريقهم بحضور مختلف وساروا خلفه، وأسعدهم بهوية مغايرة.. هوية البطل، تلك التي لم يرها النصراويون منذ جيل ماجد عبدالله ومحيسن الجمعان ويوسف خميس وسالم مروان ورفاقهم.. ظلت الجماهير تردد "هذا نصرنا وهذا موسم العودة.. من زمان أنت وينك". لم يروِ كأس ولي العهد عطش النصراويين ولم يوقف جموحهم نحو الدوري، تمسكوا بالفرصة، واستغلوا تعثر منافسيهم، حافظوا على مستوياتهم، وعززوا إصرارهم بروح عالية وثقة متناهية، وكانوا بأفضل المستويات والنتائج يضربون قائلين "النصر نصريا.. والزمان زمانيا". مساء أول من أمس (الأحد)، زف النصراويون فارسهم عريساً في حضرة التعاون في آخر لقاءات الفريق في الموسم، احتفل النصراويون بطريقتهم الخاصة، وملأوا جنبات استاد الملك فهد في الرياض، ليعلن نصرهم نهاية السنين العجاف. لن ينسى النصراويون موسمهم هذا الذي ملأوا فيه الدنيا وأشغلوا الناس، وعادوا فيه من الباب الكبير، لقد اختار النصر عودة مختلفة في كل شيء، رفض النصر أن تكون عودته تقليدية، كانت أحاديث لاعبيه وإدارييه ومدربه تؤكد ذلك. عاد النصر وعودته ستكون مؤثرة بإيجابية كبيرة على الكرة السعودية ومنافساتها، فلهذا النادي تاريخ لا يختلف عليه أحد، ووجوده داخل إطار الذهب في المسابقات السعودية سيعزز من الإثارة وسيحض بقية الفرق على أن تعود كما عاد النصر، وأن تعمل كما عمل النصر، وأن تجتهد وتخطط مثلما النصر، فنهاية سعيدة كهذه لابد أن تكون حافزاً لمن يريد النصر. واليوم، تصافح "دنيا الرياضة" قراءها، وعشاق النصر بملحق يرصد المسيرة ويوثق المنجز المختلف، كعادتها مع أبطال المسابقات السعودية، مانحة إياهم مايستحقونه بعد موسم شاق وطويل ومرهق، كان حصاده الذهب