الهيئة العليا للانتخابات تقترح مواعيد الاستحقاق البلدي القادم في تونسبعد مصادقة مجلس نواب الشعب التونسي على مشروع قانون الانتخابات المحلية والاستفتاء، جاء تقديم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مقترحا لجدول مواعيد مفصل للانتخابات البلدية القادمة للتأكيد أن الحكومة التونسية تسعى جديا لإجراء هذا الاستحقاق في أقرب الآجال رغم الصعوبات التي تواجهها من أجل تحقيق ذلك.العرب [نُشر في 2017/03/15، العدد: 10572، ص(4)]الانتخابات البلدية ستكون لحظة فارقة في الحياة السياسية تونس - قدم شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الثلاثاء، جدول مواعيد تنظيم الانتخابات البلدية القادمة، مؤكدا أن إمكانية تنظيم الانتخابات البلدية في العام الحالي لا تزال قائمة. وقال صرصار، خلال لقاء جمع أعضاء الهيئة بممثلي عدد من الأحزاب وبحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إن روزنامة المواعيد التي تقترحها الهيئة تضبط تنظيم الانتخابات يوم 26 نوفمبر المقبل على أن يكون تصويت العسكريين والأمنيين يوم 19 من الشهر ذاته. ويرجح جدول المواعيد الذي اقترحته الهيئة انطلاق تسجيل الناخبين في 12 يونيو القادم، ويتم فتح باب الترشح يوم 30 أغسطس القادم، على أن تكون الحملة الانتخابية يوم 4 أو 24 نوفمبر ويوم الاقتراع يوم 26 نوفمبر 2017. واقترحت الهيئة العليا للانتخابات أن يخصص يوم واحد لاقتراع الأمنيين والعسكريين، ويتم اختيار هذا اليوم في الفترة الممتدة من 19 إلى 23 نوفمبر 2017. وأشار صرصار إلى إمكانية تأجيل الانتخابات إلى حدود منتصف شهر ديسمبر 2017، لكنه أوضح أنه في حالة تجاوز تاريخ هذا الشهر فإنه لا يمكن إجراء هذا الاستحقاق إلا في شهر مارس 2018. وقدم صرصار شروطا لإجراء الانتخابات البلدية القادمة. وتتمثل أساسا في حل النيابات الخصوصية وتغييرها، والانتهاء من تجسيم التقسيم الترابي، واستكمال الميزانية المخصصة للانتخابات، وتفعيل الأمر المتعلق بالوضع على الذمة، وإصدار الأمر المتعلق بضبط سقف الإنفاق للحملة الانتخابية، والعمل على استكمال تركيز قواعد البيانات، إضافة إلى العمل على ضمان حياد الكوادر المحلية. وشدد الشاهد على ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات البلدية، معتبرا إجراءها مواصلة لنجاحات التجربة الديمقراطية في تونس، وتأخيرها يمكن أن يكون إشارة سلبية إلى المسار الديمقراطي. وقال إن هذه الانتخابات ستكون أيضا “إشارة إلى انطلاق إرساء مسار اللامركزية وهو مسار سيساعد على تغيير منوال التنمية”. وأقر الشاهد بأن مسار اللامركزية مسار صعب يستوجب العشرات من السنوات، مؤكدا أن الحكومة وضعت خطة على مدى 9 سنوات لتدعيم الجهات الداخلية بالموارد المادية والبشرية. وأكد أن قانون الجماعات المحلية سيعرض قريبا على البرلمان. وشدد الشاهد على أن تونس بنجاحها في إرساء هذه اللامركزية ستنجح في تغيير الطريقة التي تعمل بها على إرساء التنمية في المناطق الداخلية، وذلك لأن المجالس البلدية التي ستنبثق عن الانتخابات “ستتمتع بصلاحيات دستورية كبرى تمكنها من تسيير الشأن المحلي بطريقة تشاركية”. والتزمت الحكومة بتوفير كل الإمكانيات والظروف لإجراء الانتخابات البلدية في الآجال، وأكد الشاهد أن “الانتخابات البلدية ستكون لحظة فارقة في الحياة السياسية”. واعتبر الشاهد إرساء قضاء إداري في الجهات تحديا كبيرا “يجب الانتهاء منه قبل الانتخابات البلدية ونحن متعهدون بذلك”. وكان القاضي الإداري حمدي مراد قد أكد منذ فترة أن الإمكانيات الحالية المتوفرة للمحكمة الإدارية تجعل مهامها الرقابية خلال الانتخابات البلدية القادمة، والبت في نزاعات الترشح والنتائج مستحيلة. وأفاد مراد خلال ندوة صحافية عقدتها جمعية القضاة التونسيين بأن تخوفات القضاة وتحذيراتهم في هذا الجانب مبنية على معطيات إحصائية، تؤكد أن المحكمة الإدارية غير قادرة على البت في النزاعات العادية المعروضة عليها في الوقت الراهن في الآجال المعقولة، وبالتالي فلا يمكنها البت في النزاعات الانتخابية القادمة. وذكر بأن المحكمة الإدارية، ومنذ انطلاق مناقشة مشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، قامت بدراسة حول الإمكانيات التي لا بد أن تتوفر لها للقيام بمهامها، أكدت فيها ضرورة توفير التجهيزات اللازمة، وإحداث ما لا يقل عن 12 دائرة ابتدائية محلية و8 دوائر استئنافية، وانتداب 60 قاضيا و120 عونا للاضطلاع بالدور الرقابي. وقال رئيس الحكومة إن الاستحقاق البلدي سيشمل 350 بلدية من أجل انتخاب أكثر من 7 آلاف عضو في مجالسها المنتخبة. والتقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد اجتماع أعضائها بعدد من الوزراء وممثلي أحزاب سياسية ورؤساء كتل نيابة بحضور رئيس الحكومة، مع مكونات المجتمع المدني. يذكر أن مجلس نواب الشعب كان قد صادق في 31 يناير الماضي على مشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وكان ذلك بعد جدال وتجاذبات حول مشروع القانون منذ جوان الماضي. وصوت على مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء 139 نائبا، فيما تحفظ 22 نائبا بعد تجاوز البعض من النقاط الخلافية والتي تعلقت بصفة خاصة بمشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية والمحلية من عدمها. وذكر استطلاع رأي أنجزته مؤسسة “امرود كونسلتينغ” بالتعاون مع “دار الصباح”، خلال الفترة الممتدة بين 27 فبراير الماضي و3 مارس الجاري، أن 54 بالمئة من التونسيين لن يشاركوا في الانتخابات البلدية القادمة ولن يدلوا بأصواتهم، في ما عبر 28 بالمئة من التونسيين عن نيتهم في التصويت، وما زال 18 بالمئة من المستجوبين لم يقرروا بشأن مشاركتهم في هذه الانتخابات. وأبرز هذا الاستطلاع أن من بين الذين ينوون التصويت هناك 46 بالمئة منهم سيصوتون لقائمات مستقلة، وسيقوم 26 بالمئة فقط بالتصويت لقائمات حزبية، فيما نسبة 29 بالمئة لم يحسموا أمرهم بعد بشأن منح أصواتهم لقائمات حزبية أو لقائمات مستقلة. ويرى خبراء أن قرار عدم المشاركة في الانتخابات البلدية يعكس حالة من العزوف عن كل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، حيث ترجع أسباب ذلك إلى خيبة أمل يشعر بها أبناء الشعب تجاه السياسيين، نظرا إلى عدم الإيفاء بالوعود التي تم إطلاقها خلال الحملات الانتخابية.