هل تذكرون مشروع مجالس الشورى المدرسية.؟. وهو المشروع الذي قفز في إحدى السنوات للواجهة وإقرار أن تتشكل مجالس شورى داخل المدارس لاكساب الطفل الحوارية وقول آرائه وإخراجه من التكلس وإدماجه في الحياة من خلال تبني قضايا مدرسته وتداولها في مجلس مختار من الطلاب .. لقد كانت فكرة رائعة ماتت في المهد، ولو أنها نفذت لما وجدنا طفل الأمس في شبابه يتباكى لكون صوته لا أحد يسمعه اليوم. هل فعلا نحن لا نسمع الشباب.؟ هم يقولون ذلك والواقع يؤكد مقولتهم، فأين نحن منهم؟. لو تتبعنا الإحصائيات فسوف تقول لنا إن بلادنا شابة، وإن تتبعنا الواقع فسيقول لنا إن الوطن كتل بشرية شابة، وإن تتبعنا مخرجات التعليم فسوف نجد أن المخرجات مخرجات شابة.. وهذه الفتوة المتوثبة لا تجد الاهتمام الموازي بما يؤكد أننا نمتلك قوة بشرية شابة بحاجة إلى استغلال قدراتها وتوظيفها لخدمة الغد. وأنا أتابع برلمان الشباب الذي عقدته جريدة عكاظ قرأت نفس الاستغاثات والصرخات التي يطلقونها من وقت مبكر وفي كل حين مما يؤكد أننا لازلنا بعيدين عنهم، بعيدين في اهتمامنا وخططنا، فهم يشعرون بأنهم طاقات لا يتم استغلالها وإن شكوا فلا أحد يستمع إليهم.. وكان من الضرورة إيجاد قنوات لاستقبال آراء هؤلاء الشباب وفي هذه النقطة لايمكن الارتهان للإعلام كقناة موصلة لكون الإعلام له صفة الـ (عين الكريمة) تكون نظرته في جهة واحدة ويغفل بقية الجهات، وإن ركز على مشكلة ما سرعان ما ينتقل نظره لمشكلة أخرى. والشباب كتل بشرية من المفترض على جميـع المؤسسات أن تتفرس في ملامحها وتصغي لكل معاناتها وطموحاتها والبحث عن الوسائل الممكنة وغير الممكنة لتأهيلهم وتقديم طاقات منتجة للمستقبل. ولو عدنا إلى البحث عن قناة لسماع أصواتهم وتدريبهم لاكتساب الخبرات فقد تكون فكرة استعادة مشروع مجالس الشورى المدرسية هي النواة التي يمكن البناء من خلالها وتطويره مع انتقال الطالب من مرحلة التعليم العام لمرحلة التعليم الجامعي، وهي فكرة أظن أن الأمير خالد الفيصل سوف يقوم بإحيائها ودفعها للأمام خاصة أنه سباق في تبني قضايا الشباب من وقت مبكر بدءا من توليه رئاسة الرئاسة العامة للشباب وانتهاء بمشروعه الشبابي الذي قاده في منطقة مكة المكرمة حين كان أميرا لها. وإذا ضمنا احتواء الطفل من وقت مبكر في مجالس للشورى داخل مدارس التعليم العام فبضرورة أيضا استعادة تجربة جامعة البترول والمعادن (الملك فهد حاليا) والتي كانت تتبنى اتحادا للطلبة منتخبا يمثل الطلاب واحتياجاتهم ويكون المتحدث باسمهم أمام الجامعة وهي تجربة رائدة خسرناها ذات يوم. والآن وجميع الشباب يشتكون من عدم سماع صوتهم لماذا لا نستعيد القنوات الحقيقية التي تمثلهم لكي يتم دمجهم في واقعهم الخاص وواقعهم العام .؟. إن إيجاد هذه القنوات يقلل التوتر ويفتح المجال للشباب في تبني قضاياهم والدفاع عنها ودفعها للأمام. سؤال فقط: لماذا لا نستعيد خطوات توقفت وكانت كفيلة بإدماج الشاب في مجتمعهم من غير الحاجة لسماع شكواهم في كل حين؟. إن استرجاع تلك الخطوات كفيل بخلق تعددية في الأفكار والقضاء على الفراغ ونبذ التكلس الاجتماعي، ولا أعتقد بأنني أؤذن في مالطا.