×
محافظة المنطقة الشرقية

بحضور ولي ولي العهد .. مؤسسة الملك خالد الخيرية تطلق إصداراتها العلمية الثالثة

صورة الخبر

أذكر مقالة للزميل تركي السديري، رئيس التحرير تناول فيها مسألة اختلاف التعابير بين منطقة من بلادنا وأُخرى. قال إن موظفاً بهذه الجريدة من مكة سأل زميلاً له آخر عن فلان (زميل ثالث) وأن له مدة لم يره، فقال راعي نجد: موجود، توّه نطحني. أي قابلني في المبنى. فقال راعي مكه للزميل تركي: فلان يقول إنه تعرّض لنطحة من فلان..! "هوّ فيه مناطح عندكم؟". قلت للأخ تركي إن هذا قول دارج، وقد يأتي على شكل "غَزَل" أيضاً. وذكّرته ببيت سليمان بن شريم، الشاعر المعروف: عصْرَ الثلاثا نِطَحْني جادَلٍ غِطروف سقْوٍ سقَى الله نهارٍ شِفْت به غالي وقلتُ له - للزميل تركي - دع صاحبنا يسمعها، فربما ظن أن ابن شريم يتغزّل ب"كبْش". ففي الفصيحة كلمة نطحَ لا تنطبق إلا على الخراف القوية ذات القرون. والذي أراه الآن أن الجيل الحالي في بلادنا تبني له لغة تنعدم او تقل فيها الفروق الكبيرة، وأهم شيء إن "ما فيها نطح ومناطح"!، وعصر سرعة الاتصال قضى على عصر التناطح. وظاهرة تعدد اللهجات ظاهرة معروفة فى كل لغات العالم تقريباً وإن كانت في العربية أكثر منها في اللغات الأخرى. وهذا التعدد لا ينال من وحدة اللغة العربية طالما كانت اللهجات مفهومة، فهي ظاهرة قديمة معروفة في العصر الجاهلي وفي صدر الإسلام وما تلا ذلك من عصور. وتكاد الإنجليزية تقصر الاستعمال لكلمة قابَلَ بمفردة meet، أي واجَهَ أو قابل. لكنهم أيضا يجدون بديلا إذا كان الشخص الذي قابلوه ثقيل الظل ولا متعة معه، فيقولون upon Stumbled، أي تعثّر بفلان، وكأن المقصود عقبة أو حجر عثرة، وهي لا تُستعمل في الحديث الرسمي أو المخاطبات. وأهل بغداد لديهم غرابة في قول كلمة قابَلَ. فإذا أراد أن يستفسر أحدهم من الآخر: وين قابلت فلان؟ فهو يقول "وين لِقَفْتهْ". وكأنه سقط من أعلى. ولاحظ الدارسون والمتعمقون في اللهجات عامة أن هناك ما يسمى ب اللهجة أو اللغة الخاصة، وهي تلك التي تستعملها مجموعات خاصة؛ ففي سلك القضاء أو الطب، أو أعمال الحداد، أو النجارة، أو حتى بين اللصوص وقطاع الطرق تجد ألفاظاً واصطلاحات لا تستخدم إلا عندهم، وتمتاز هذه اللغات باستخدام التعبيرات الاستعارية، واستعمال الألفاظ في غير مدلولاتها الحقيقية، وقد تنشأ هذه اللهجات نتيجة شعور أصحابها بالعزلة أو معاداتهم للنظام، أو رغبة في التمويه، أو تمييز أنفسهم.