×
محافظة المنطقة الشرقية

الفحص الدوري.. فتح مسار ثالث للسيارات ودراسة لإنشاء محطة ثانية

صورة الخبر

أم اننا على أبواب الخروج من تيه عشنا فيه زمناً طويلاً، وقاسينا فيه أهوالاً جسيمة؟ وأزعم -والعلم عند الله تعالى- أن الأمة على أبواب الخروج من التيه الذي دخلت فيه منذ عشرات السنين؛  ومن آيات ذلك وعلاماته الواضحة:  هذا الانكشاف الكبير، والتمايز المؤلم،  والوضوح الجلي لحقيقة الأشياء، وحقيقة الأفراد والهيئات والمؤسسات ، وحقيقة النفوس العفنة، والأقنعة الزائفة، والوجوه البائسة، والفلسفات التائهة، والادعاءات الكاذبة، قال تعالى: "مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ". (سورة آل عمران). فحينما تدرك الأمة أنها كانت في التيه تصلى لغير القبلة الحقيقية، وتجاهد في غير ميدان النضال،  وتدرك حقيقة كثير من الأئمة الذين وقفوا في المحراب للاقتداء بهم، واصطفت الأمة للصلاة  خلفهم، ومنحتهم كامل ثقتها، وعظيم تقديرها، وكامل احترامها، فلما انقشع الظلام وبدت لوامع الفجر، بان للأمة أن بعضاً من أئمتها مزيفون، وبعضهم تصدر للإمامة بلا وضوء، وبعضهم كانت قبلته هواه، ومحرابه صنم نفسه، ولعاعة رغبته، ووضاعة مقصده!! فإنها يومئذ قد تخلصت من كتائب الدجالين، وكهنة المعابد، وذئاب الليل، فما أسعدها بيوم الخلاص، وما  أقربها لشاطئ الأمان. حينما تدرك الأمة أنها أنفقت ثرواتها على المحاربين ليرفعوا اللواء، ويقهروا الأعداء، وينشروا الأمان، ويحفظوا الأوطان ، فإذا بها تستيقظ على أضواء الحقيقة الصادمة، لتجد أنها كانت تنفق ثرواتها على لصوص باعوا الوطن والمواطن، ورأت بعينها سهام الغدر تأتيها ممن  ادخرتهم ليكونوا يوم الكريهة درعها، و يوم الوغى حسامها!!  وأن الفزع يأتيها ممن كانت تدخرهم ليوم الخوف!! وأن القتل يأتيها ممن ظنتهم قوارب النجاة وكهوف الأمان !! فإنها حينئذ رغم روعة الصدمة تسلك طريق الفلاح، وترى الحقيقة الدامغة في ضوء الصباح ، وتستشرف المستقبل الناضج والغد الناصع بإذن الله تعالى. حينما تدرك الأمة أن حدودها التي ما فتئت تقاتل لحمايتها، وتتغني بمتانتها، وتفخر بارتفاعها وصلابتها، ماهي إلا قضبان سجونها، وأسوار زنازينها، وسلاسل قيدها، وأسباب ضعفها، وما هي إلا أسوار أقامها الطغاة ليحولوا بينها وبين باقي أعضاء جسدها، حتى لا تستمد منهم قوتها، ولا يكتمل بهم بنيانها ، ولا يتوحد بهم شملها ، ولتظل مقطعة الأجزاء متفرقة الأنحاء متباعدة الأطراف، يحبس الطغاة كل عضو منها في قفص خاص ليسهل عليهم تقطيعه، وتفتيته ، فإنها يومئذ  قد بدأت خطواتها نحو الخروج ، وانطلاقها نحو المستقل الرحيب. حينما ترى أنها يوم أن كانت تتغنى طرباً بالثورة والحرية، كانت في الحقيقة تُزف إلى معتقل الوطنية  والمسالخ البشرية،  ومذابح الإنسانية!!! فإنها رغم المرارة لما مضى من خداعها، ولما فقدته من عمرها ومقوماتها، فإنها تنطلق  من جديد بعين فاحصة، وعقل متحفز، وإبداع مُلهم، وتستعد لانطلاقة العقلاء ، ونهضة النبهاء، وريادة العلماء، وصرخة الأحرار. حينما تدرك الأمة أن الجلاد هو القاضي، وأن منصته ماهي إلا موطناً لتقنين المظالم، وشرعنة الاستبداد، وتبرير الطغيان ، وغسيل السمعة!  وتدرك كذلك أن اللص الخطير هو ذاك الضابط الكبير ، والخائن الوضيع هو أمين الشرطة الرقيع، ومن يغتصب عرضها هو ذاك المكلف بحماية أمنها !! فإنها يقينا من ظلام التيه خارجة، وعلى أضواء فجر الحقيقة سائرة ، وبشموس الوعى منطلقة. حينما ترى الأمة أن أكثر النخب السياسية والثقافية والفكرية والإعلامية والفنية والدينية والحقوقية.. الخ ـ  التي كانت في كهف التيه نجوم هدايتها ، ورموز قدوتها، ومنابع إلهامها، وزينة صدورها ، ماهي إلا دُمًى مصنوعة، وأوراقاً محروقة، واحجاراً مرصوصة، وكذبة محبوكة، وقروداً مدربة على اللعب في كل الأندية ، والقفز على كل الحبال ، فإنني أجزم أن هول الصدمة سيعيد إليها وعيها، ويفتح على الحقيقة عيونها، ويبصرها بصحيح طريقها، وسيجعلها أكثر إفاقة وأعمق إدراكا. حينما تكون الحرب على الإسلام والمسلمين واضحة لا خفاء فيها، والعداء للهوية منهجية لا جدال عليها، وتسقط أصنام الحرية الزائفة، والديمقراطية الفاجرة ، ويظهر للعيان عفن المنظمات الدولية، ووضاعة أكثر المؤسسات الحقوقية، وأن الأمة لن تنتصر بغير إعداد، ولن تشبع بدون إنتاج، ولن تأمن بدون جهاد، ولن تنهض بدون علم وعلماء، ولن تنجح بدون تعاون بناء، ولن تنطلق بدون تضحية وفداء، فإنها جزماً من كهف التيه خارجة، ولطبيعة المعركة مدركة، ولحقائق الأمور مبصرة، ولامتلاك أدوات الصراع مسارعة، ويبقى علي كل فرد عينا أن يتأهب لصلاحية الاستخدام، ومتطلبات الاستعمال والاستخلاف قبل الصرف والتثبيط  والاستبدال. وللحديث بقية إن قدر الله تعالى