تدني مستوى الخدمات الطبية في الجزائر وارتفاع كلفتها في المستشفيات الخاصة الكثيرين على اللجوء إلى الطب التقليدي والعرافين، ما يجعلهم عرضة للإحتيال.العرب [نُشر في 2017/03/11، العدد: 10568، ص(24)]ممارسات بالية تستقطب كل من فقد الأمل في الخدمات الطبية في الجزائر الجزائر – سلطت قضية الإعلان عن عقار زعم صانعه أنه يشفي من مرض السكري في الجزائر الضوء على لجوء عدد كبير من الجزائريين إلى الطب التقليدي والتداوي عند العرافين، حيث شهدت البلاد افتتاح عدد من عيادات للتداوي من المس بالجن. وطرح في الأسواق في الآونة الأخيرة مكمل غذائي قدم على أنه دواء للسكري أطلق عليه اسم “رحمة ربي”، سرعان ما تحول إلى فضيحة لم تكن وزارة الصحة بمنأى عنها. وتعالت الأصوات المطالبة باستقالة وزير الصحة الجزائري، بعدما قدم دعمه للمنتج على أنه دواء، وساعدت قناة تلفزيونية يشاهدها الكثير من الجزائريين في الدعاية لهذا المنتج وصانعه الذي وصفته وسائل إعلام محلية بأنه “منتحل صفة طبيب”. وبمجرد ظهور منتج “رحمة ربي” تهافت المرضى على شرائه خصوصا في شرق البلاد، حيث تشكلت طوابير طويلة أمام الصيدليات التي وافقت على تسويقه. ووصل النجاح إلى حد ظهور سوق سوداء تبيع المنتج بأربعة أضعاف سعره الرسمي. لكن حملة عنيفة على “الدواء المعجزة” وصانعه شنها أطباء في البلاد دفعت الحكومة إلى منع تسويقه وسحب الكميات الموزعة منه من الأسواق. رغم ذلك، يشدد صانعه توفيق زعيبط على أنه “ذو فوائد علاجية لا يمكن إنكارها على مرض السكري”. وقال “اشتغلت 12 سنة لبلورة منتجي المصنوع من مواد طبيعية”.وبعدما قُدم على أنه طبيب تخرج من جامعة سويسرية، تبين أن هذه الصفة منتحلة، بحسب الصحف الجزائرية. وندد الطبيب المتخصص في أمراض الغدد ورئيس الجمعية الجزائرية لمرضى السكري مراد سمروني بعملية “الاحتيال” هذه، والدعاية التي أحاطت بالمنتج وتقديمه على أنه “علاج معجزة”، ما دفع الكثيرين من المرضى إلى التخلي عن أدويتهم واللجوء إلى هذا المنتج. وقال “الكثير منهم دخلوا قسم الإنعاش” بسبب ارتفاع مستوى السكر بعد الكف عن تناول أدويتهم. وأعرب عن أسفه لأن “الشعوذة ما زالت تعيش أياما مزدهرة بالجزائر نتيجة غياب التربية الصحية”. ودعا رئيس مجلس عمادة الصيادلة لطفي بن باحمد الصيدليات إلى المساهمة في مكافحة “الشعوذة بالامتناع عن تقديم خدمات تحمل هذا الطابع”. ومع أن وزارة الصحة أشادت بالمنتج “رحمة ربي” في مرحلة أولى، إلا أن وزارة التجارة أمرت بسحبه من الأسواق. لكن ذلك لم يوقف التحرك الذي يخوضه الجسم الطبي الجزائري، فقد ارتفعت أصوات داعية إلى نشر نتائج التحقيق الذي وعدت به وزارة الصحة لمعرفة كل حيثيات هذا الأمر. وبعد أقل من أسبوع على منع هذا الدواء، اكتشف الجزائريون فضيحة طبية جديدة بعدما أعلن شخص فتح “عيادة” للعلاج بالرقية من المس بالجن، وحتى من بعض الأمراض النفسية. لكن رد فعل السلطات هذه المرة كان سريعا، فأمرت بغلق عيادة الشيخ أبومسلم بلحمر بعدما حضر افتتاحها عدد كبير من الشخصيات الفنية والإعلامية. وسبق أن أثار هذا “المعالج” الجدل في 2015 إذ توفيت فتاة بعد حقنها بمصل خلال حصة رقية في عيادته. وخُتم المقر الذي كان يمارس فيه “علاجه” بالشمع الأحمر، وتم التحقيق معه ووُضع تحت الرقابة القضائيـة. وتنقل وسائل الإعلام الجزائرية يوميا حوادث تسبب فيها هؤلاء المعالجون في عدة مناطق من البلاد. وينتشر في الجزائر التداوي بقراءة القرآن بحيث أصبح سوقا تدر الأرباح في مجتمع ينتشر فيه اليأس من الخدمات الطبية، ولا سيما في صفوف المصابين بأمراض نفسية.