تحفظت الحكومة على مشروع نيابي بإلغاء المادة (353) من قانون العقوبات، مؤكدة أن هذه المادة جاءت لصون شرف الأسرة ودرء ما قد يمس شرف العائلة من أقاويل تؤثر في نظرة المجتمع للمجني عليها ولأسرتها، وخاصة إذا تمت مواقعة الأنثى برضاها وحملت من الجاني، وأيضاً حفاظاً على حق الطفل في النسب والهوية وفي حقوق أصيلة نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل، فضلاً عن أن هذه المادة قد جاءت كذلك للتأكيد على مبدأ الردع حال عدم قبول المجني عليها الزواج بالجاني. وكان مجلس النواب قد قرر في وقت سابق حذف المادة المذكورة، والتي تنص على أن «لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة إذا عقد زواجاً صحيحاً بينه وبين المجني عليها. فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية»، إلا أن الحكومة في رأيها على المشروع المذكور دعت النواب إلى إعادة النظر في قرارها. ومن المقرر أن يصوّت مجلس النواب في جلسته يوم الثلثاء المقبل (14 مارس/ آذار 2017)، على إحالة الرسالة الواردة من الحكومة على المشروع إلى لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بصفة أصلية، وإلى لجنة الشئون التشريعية والقانونية لإبداء الملاحظات. واقترحت الحكومة في مرئياتها على المشروع المذكور بإلغاء المادة (353)، بأن تضاف عبارة «ولا يسري ذلك الحكم في حال تعدد الجناة»، وشاركتها في الرأي هيئة التشريع والإفتاء القانوني. وأوضحت الحكومة أن المادة (353) بوضعها الحالي تثير إشكالية عملية حال تعدد الجناة، إذ كيف وعلى أي أساس يتم اختيار أحد الجناة من قبل المجني عليها للزواج به، كما أنه من غير المتصور أن تسقط العقوبة عن أحدهم بسبب زواجه من المجني عليها زواجاً صحيحاً في حين يُحكم على باقي الجناة بالعقوبة رغم انقضاء أثرها بالزواج من أحد الجناة، ومن ثم فإنه يمكن تفادي ذلك بإضافة عبارة «ولا يسري ذلك الحكم في حال تعدد الجناة» حتى لا يكون زواج أحد الجناة مانعاً من عقاب الآخرين. ورأت أن النص الحالي للمادة المذكورة وما سبقه من عقوبات، يرسخ المبادئ المنصوص عليها في الدستور البحريني للأسرة، ولا يخالف المبادئ المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو»، ويحقق الأهداف الأساسية للتجريم، ولا يخل بسياسة العقاب من ردع خاص وعام، فإنه يكون الإبقاء على النص المذكور أولى لتحقيق المصلحة المستهدفة منه مع إضافة عبارة «ولا يسري ذلك الحكم في حال تعدد الجناة» وذلك لتحقيق الغرض الذي ابتغاه المشرع البحريني من هذه المادة، وهو الحفاظ على كيان الأسرة في المجتمع البحريني، وليظل أمر تقدير الاستمرار في الشكوى من عدمه في هذه الحالة بيد المجني عليها وحدها؛ باعتبارها المضرورة الأولى بالرعاية والاهتمام على ما ترغب هي فيه وليس على ما يملى عليها غيره. من جانبها، أفادت هيئة التشريع والإفتاء القانوني بأن الإشكالية العملية في تطبيق هذه المادة تتمثل في أن جريمة اغتصاب الأنثى تخضع للقواعد العامة في المساهمة الجنائية، فيتصور تعدد الفاعلين فيها، ويتصور أن يوجد إلى جانب الفاعل شريك أو أكثر، إذ إن الركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في عنصري المواقعة والفعل الذي يكون من شأنه إعدام رضا الأنثى، وبالتالي فإن كل من يصدر عنه هذين الفعلين يعتبر - تطبيقاً للقواعد العامة - فاعلاً مع غيره. ونبّه إلى أنه «قد يصير نص المادة بصياغته الحالية إشكالية تتعلق بالتطبيق الفعلي لهذه المادة، وذلك في حالة تعدد الجناة، وفي كيفية اختيار أحد الجناة من قبل المجني عليها، إذ ليس من المتصور أن تسقط العقوبة على أحدهم بسبب زواجه من المجني عليها زواجاً صحيحاً في حين يُحكم على باقية الجناة بالعقوبة.