نجاة الفارس ولد عبدالوهاب البياتي في حي صغير في بغداد 1926، وتخرج في كلية دار المعلمين العالية/ قسم اللغة العربية سنة 1950، ثم عمل مدرساً، وفي عام 1954 اشترك مع عدد من الكتاب والصحفيين في تحرير «الثقافة الجديدة»، ولكنه فصل واعتقل، ثم غادر العراق إلى سوريا فلبنان، فمصر، والظاهر أنه أحب الإقامة في القاهرة، ولا سيما في عهد جمال عبدالناصر، فبقي فيها حتى عام 1970، وقد مثلت هذه الفترة نقلة نوعية مهمة في تطوره الشعري. ويرى النقاد أن شعر البياتي مرّ بأربع مراحل، أولها: الثوري اللامنتمي ولا سميا في مجموعته «أباريق مهشمة» 1954، وقد أثارت هذه المجموعة الشعرية منذ صدورها اهتماماً واسعاً في أوساط الشعراء والنقاد والدارسين، إذ اعتبروها نقلة نوعية في تطور حركة الشعر الحر أدت إلى ترسيخ نموذج الشعر الجديد ومده بكل أسباب النمو والازدهار، أما المرحلة الثانية فهي الثوري المنتمي في دواوينه الصادرة بين عامي 1956 و 1970، وفي هذه المرحلة صار التزام الشاعر بالهم السياسي الاجتماعي مباشراً قريباً، واتسم تعبيره بشيء من البساطة وتغيرت الرؤيا ومعها مفهوم الشاعر عن طبيعة الشعر ووظيفته، وقد أحدثت هزيمة عام 1967 هزة قوية في تجربته الشعرية وتولد في شعره نقد ذاتي حاد. وعلى الصعيد الفني تطورت تجربة البياتي تطوراً بيناً، إذ برزت فيها بشكل خاص تقنية القناع كما في قصيدة «الحلاج» للتعبير عن تجارب فكرية نفسية أكثر تركيباً وتعقيداً، فقد حاول التوفيق بين المناضل الثوري والبطل الوجودي والمتصوف الذي ينادي بإمكان إحلال جنة الله على هذه الأرض، وبرز ذلك في المرحلة الثالثة. أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة الصوفي المعذب، وقد بدأت منذ أوائل السبعينات ولا سيما مع صدور «قصائد حب على بوابات العالم السبع»، 1973، صارت كل مجموعة من مجموعاته الشعرية في هذه المرحلة تحاول أن تطور رؤيا معينة حول العشق، الحب، الثورة، والشعر. وتعد تجربة البياتي الشعرية، في مراحلها المختلفة، من أغنى التجارب في حركة الشعر العربي الحديث وأكثرها مرونة وقدرة على التجاوز والتطور. najatfares2@gmail.com