صحيفة المرصد-هافينغتون بوست:عكس ما هو شائع عند المهتمين بعلم الأحياء، فإن العينين وليس الأقدام هما ما دفع الحيوانات الكبيرة لشق طريقها على اليابسة لأول مرة منذ 385 مليون سنة، وفقاً لدراسة حديثة. ودرس الباحثون في جامعة “نورث وسترن” بالولايات المتحدة، سجل المستحاثات الحفرية، واكتشفوا أن عيون أسلافنا المائيين تضاعف حجمها 3 مرات قبل أن تنتقل من البحر إلى اليابسة، بحسب صحيفة Independent البريطانية. ويُعتقد أن القدرة على رؤية الطعام على اليابسة دفعت الحيوانات لمحاولة الحصول عليها، ثم بالتدريج قامت بتطوير أطراف جعلت المهمة أكثر سهولة. يقول البروفيسور مالكوم ماكليفر بهذا الخصوص: “لماذا انتقلنا إلى اليابسة منذ 385 سنة فائتة؟ نحن أول من يفكر في أن الرؤية لها علاقة بالموضوع”. وأوضح ماكليفز: “وجدنا زيادة هائلة في قدرة الإبصار لدى الفقاريات مباشرة قبل الانتقال من البحر إلى اليابسة، يقوم افتراضنا على احتمال أنها كانت ترى وفرة من الطعام غير المستغل على اليابسة -الديدان وأم أربعة وأربعين والعناكب- هي التي دفعت التطور ليستبدل الزعانف بالأطراف”. الحشرات واللافقاريات الأخرى استعمرت اليابسة قبل الحيوانات الفقارية بـ50 مليون سنة. الزيادة الدرامية في حجم الأعين غير مبررة إذا كانت تُستخدم فقط تحت الماء، لكن بإمكانها الرؤية لمسافة أبعد بـ70 مرة. يقول الباحث البروفيسور لارس شميتز: “العيون الأكبر بلا فائدة في الماء؛ لأن الرؤية تكون محدودة بما يوجد مباشرة أمام الحيوان، لكن حجم العيون الأكبر مفيد جداً في الرؤية عبر الهواء. في التطور، يكون الأمر غالباً مرتبطاً بالتبادل. هل يستحق الأمر دفْع هذا العدد الكبير من الخلايا الأيضية لتكبير العين؟ ما الهدف؟”. الرؤية رفعت من مستوى الذكاء يضيف شميتز: “هنا نعتقد أن الهدف كان اكتساب القدرة على إيجاد الطرائد على اليابسة” ويقترح الباحثون أيضاً أن زيادة القدرة على رؤية المحيط ربما زادت من ذكاء الحيوانات، ففي الماء كان عليها أن تتعامل في فترة أقل من الثانية مع ما تراه، سواء كان طعاماً أو مفترساً؛ لأن هذا الأمر يحدث في مسافة قصيرة نسبياً. لكن، أن تمتلك الوقت للتفكير في العالم المحيط ربما دفع بالتطور إلى عمليات تفكير استراتيجية أكثر تعقيداً. في هذا الإطار، نُشرت ورقة بحثية بعنوان “الزيادة الهائلة في مدى الإبصار لدى أسلاف الفقاريات الأرضية”، نُشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS). ودرس الباحثون 59 مستحاثة حفرية من فترة ما قبل الانتقال من الماء إلى اليابسة، ووجدوا أن متوسط قطر العين ارتفع من 13 ملليمتراً إلى 36 ملليمتراً خلال فترة زمنية طويلة. “زيادة حجم العين إلى 3 أضعاف استغرق 12 مليون سنة”، بحسب البروفيسور ماكلفير، الذي أضاف قائلاً: “إن هذا النطاق الزمني الواسع للتطور هو ما حيّر عقولنا”. هناك العديد من الحيوانات اليوم تمتلك القدرة على العيش بسعادة على اليابسة وفي البحر؛ مثل الفقمات والبطاريق. لكن الأمر الأكثر غرابة هو سمكة “الجورامي المتسلقة”، التي تستوطن باباو في غينيا الجديدة. وتمتلك هذه السمكة خياشيم ورئات تمكنها من النجاة على اليابسة لمدة 6 أيام.